
الإصلاحات المطلوبة من السلطة الفلسطينية… بين الإملاءات الخارجية والحاجة لبرنامج وطني موحّد ، بقلم : عمران الخطيب
تشهد الساحة الفلسطينية دعوات متكررة لإجراء إصلاحات متعددة الجوانب، غير أنّ كثيراً من هذه الدعوات لا يهدف فعلياً إلى الإصلاح بقدر ما يعكس إملاءات خارجية تُفرض وفق أجندات سياسية تهدف إلى دفع الفلسطينيين نحو الخضوع والاستسلام لإسرائيل كقوة احتلال، عبر ضغوط تمارسها الولايات المتحدة.
ولا يملك الفلسطينيون في كثير من الأحيان القدرة على مواجهة هذه التحديات بسبب مواقف الأنظمة العربية والإسلامية، وغياب موقف دولي قادر على مواجهة الهيمنة الأمريكية على العالم.
إنّ مواجهة هذه الظروف تتطلب إعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني، وصياغة برنامج وطني توافقي قادر على مواجهة التحديات الإسرائيلية المدعومة من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بما فيها إدارة الرئيس دونالد ترامب. فوجود إسرائيل في الشرق الأوسط، كما يرى صناع القرار في واشنطن، يخدم المصالح الأمريكية بشكل مباشر.
ورغم أنّ ما جرى في السابع من أكتوبر 2023 أحدث تحوّلات عميقة، إلا أنّه لا يمكن للفلسطينيين البقاء في دائرة ردّات الفعل. فالمطلوب اليوم هو بلورة رؤية إنقاذ وطني تحافظ على الحقوق الفلسطينية، خصوصاً في ظل التعاطف الإنساني العالمي مع الشعب الفلسطيني جرّاء العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة، إضافة إلى جرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
لقد شكّل هذا التضامن الدولي طوق نجاة سياسياً لفلسطين، وأسهم في اعتراف عدد من الدول—بعضها كان من القوى الاستعمارية—بدولة فلسطين. ومن الضروري الحفاظ على هذه المكاسب والبناء عليها عبر صياغة موقف فلسطيني موحّد، قائم على الشراكة الوطنية، ويحصّن القضية من محاولات التصفية.
إنّ استمرار جلد الذات وتعميق الانقسام عبر عقد المؤتمرات تحت عناوين مختلفة لن يؤدي إلى إصلاح، بل سيعمّق الشرخ الداخلي ويُبقي الجميع في الحلقة ذاتها. فالمرحلة تتطلب خطوات عملية جادة نحو لَمّ الشمل الفلسطيني.
وبحسب المخطط الذي تبنّاه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تتعرض القضية الفلسطينية لمحاولة تصفية سياسية من خلال السيطرة الأمريكية على قطاع غزة تحت مسمى “مجلس السلام” بقيادة ترامب، والعمل على فصل القطاع عن الضفة الغربية، إضافة إلى تأخير إعادة إعمار غزة إلى حين خلق حالة من اليأس تؤدي إلى تهجير تدريجي للفلسطينيين.
وما يزال الجدل الفلسطيني مستمراً حول من يحكم غزة: هل هي السلطة الفلسطينية بوصفها الممثل المعترف به دولياً؟ أم حركة حماس التي تلقّت إشادات من ترامب في بعض المناسبات، خصوصاً بعد تبادل الهموم بينه وبين مبعوثه الخاص ويتكوف بسبب فقدان كل منهما أحد أبنائه؟
لكن—وفي تقديري الشخصي—لا يولي الرئيس ترامب اهتماماً حقيقياً لا لحماس ولا للسلطة، بل يبحث عن تحقيق المزيد من الأرباح للمؤسسات الاقتصادية الأمريكية.
من هنا، يصبح الإصلاح الحقيقي هو توحيد الموقف الفلسطيني عبر شراكة وطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وكل من يَظنّ أنه الأكثر قبولاً لدى الإدارة الأمريكية فهو مخطئ. فالمطلوب هو حماية منظمة التحرير وعدم الانزلاق نحو تخندقات جديدة تزيد الانقسام وتضعف الموقف الوطني.
عمران الخطيب
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .