
صرخة نقص… بقلم : راويه المصري
زمنُ العضلات المنفوخة والكرامة الافتراضية.
رصاصٌ في الصور، سكاكين في الفيديوهات،
أصواتٌ عالية ووجوهٌ تظن أن الغضب رجولة،
والزعرنة بطولة.
كأننا فقدنا المعنى الحقيقي للقوة،
فصنعنا لأنفسنا قوالب وهمية نملؤها بالاستعراض بدل المواقف.
نُصوّر ما لا نجرؤ على فعله،
وننفخ صدورنا أمام الكاميرا لأننا عاجزون عن رفع رؤوسنا في الواقع.
هذا ليس فنًّا ولا شجاعة،
إنه صرخةُ نقص نحاول إخفاءها بفلتر “المراجل”.
ما لم نقدر على فعله في الحياة، نحاكيه في منشورٍ أو أغنيةٍ أو فيديو مصطنع.
كل شيءٍ أصبح تمثيلًا طويلًا بلا جمهورٍ صادق،
سباقًا على من يبدو أقوى، لا على من يكون أصدق.
صار الصراخ بديلًا عن الهيبة،
والاستعراض بديلًا عن الرجولة،
والتصوير بديلًا عن الموقف.
وسائل التواصل لم تصنع ضعفنا،
هي فقط سلّطت الضوء عليه،
كشفت كم نحن هشّون من الداخل،
وكم نحاول تغطية خوفنا بصورةٍ فيها دخان وسلاح وعضلةٍ مشدودة.
في زمننا، لم يعد “القوي” من يملك الحيلة أو المبدأ،
بل من يجيد التمثيل أمام العدسة.
هيبةٌ من ورق، وكرامةٌ تذوب مع أول “لايك”.
وربما نحن لا نفتقد القوة،
بل نفتقد السكينة…
تلك التي لا تحتاج إلى إثبات،
ولا إلى منشورٍ يقول: “أنا بخير.”
بل إلى سلامٍ داخليٍّ لا يحتاج تصفيقًا من أحد.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .