الرفيق فهمي شاهين… صوت اليسار الصامد وضمير الخليل الوطني ، بقلم : المهندس غسان جابر

الرفيق فهمي شاهين… صوت اليسار الصامد وضمير الخليل الوطني ، بقلم : المهندس غسان جابر

في يوم الجمعة، الموافق 31 تشرين الأول/أكتوبر 2025، فقدت فلسطين واحدًا من رجالها الأوفياء، وركيزة من ركائز اليسار الوطني المقاوم، برحيل الرفيق فهمي شاهين (أبو كفاح)، الذي شكّل طوال عقود من حياته مثالًا في الصلابة الفكرية والثبات السياسي والنزاهة الوطنية.

وُلد فهمي شاهين في مدينة الخليل بتاريخ 14 كانون الثاني/يناير 1961، وفيها تشكّلت بدايات وعيه الوطني المبكر وسط بيئة مشبعة بروح النضال. منذ شبابه الأول، انخرط في صفوف الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 1978، مدفوعًا بإيمانه العميق بعدالة قضية شعبه وحقه في الحرية والكرامة. ومنذ ذلك الحين، لم يعرف الراحة في دربه الطويل؛ فقد جعل من فكره وقلمه وصوته منبرًا للدفاع عن فلسطين، وعن الإنسان الفلسطيني الذي ظلّ محور نضاله ومشروعه الفكري والسياسي.

تدرّج الرفيق فهمي في المناصب القيادية داخل الحزب، حتى أصبح عضوًا في اللجنة المركزية وعضو المكتب السياسي المسؤول عن الإعلام المركزي، فكان لسان حال المواقف الوطنية الجريئة، وصوت اليسار الفلسطيني في مواجهة سياسات الاحتلال، وفي نقد الانقسام، والدعوة الدائمة إلى وحدة الصف الوطني.

لم يكن فهمي شاهين سياسيًا تقليديًا، بل كان مفكرًا ميدانيًا عاش هموم الناس، وجعل من المقاومة الشعبية نهجًا نابعًا من ضمير الأرض. رفض كل أشكال الاستسلام، ووقف بصلابة في وجه محاولات طمس الهوية الوطنية، مؤمنًا بأن المقاومة الشعبية والوحدة الوطنية هما الطريق الحقيقي نحو التحرر والاستقلال.

كان للرفيق فهمي دور محوري في الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الرأي، متجاوزًا حدود العمل الحزبي إلى فضاء العمل المجتمعي والدبلوماسي، حاملاً على كتفيه عبء الذاكرة الفلسطينية وواجب توثيقها للأجيال القادمة. نذر حياته من أجل العدالة والحرية، وعمل بلا كلل لإيصال صوت فلسطين إلى المحافل الدولية، داعيًا إلى محاسبة الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية وإلى توسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.

برحيله، فقدت فلسطين مناضلًا يساريًا من طراز نادر، لم يبدّل قناعاته رغم العواصف، ولم يساوم على مبادئه رغم الصعوبات. عاش نظيف اليد، نقيّ الانتماء، صادق الكلمة، ثابتًا على مواقفه كجذر زيتونيّ لا يلين في وجه الرياح.

رحم الله الرفيق فهمي شاهين، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته ورفاقه وأصدقاءه الصبر والسلوان. إن رحيله لا يُطفئ نوره، بل يزيده توهجًا في ذاكرة الخليل وفلسطين. سيبقى صوته شاهدًا على زمنٍ كان فيه الانتماء موقفًا، والنضال شرفًا، والكلمة سلاحًا.

لقد رحل الجسد، لكن الفكرة باقية، والرسالة مستمرة. ستظل سيرته منارة تهدي اليسار الوطني نحو الأفق، وتذكّرنا دائمًا بأن من أحبّ فلسطين حقًا، لم يغادرها يومًا.

م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل – نائب رئيس اللجنة التحضيرية لمنبر صحفيون من أجل فلسطين.
غسان