8:03 مساءً / 29 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

سطور من أدب رحلة ، بقلم : الأستاذ سعد الدين عبد العالي

سطور من أدب رحلة ، بقلم : الأستاذ سعد الدين عبد العالي

سطور من أدب رحلة ، بقلم : الأستاذ سعد الدين عبد العالي

(اليلة الإفريقية )
بين نفسية وخطاه لقاء مع فارس الصحراء

حين ألتقي بالرجل التارقي في الصحراء أثناء ترحالي ، أجد أمامي شخصا شامخا كالرمال التي ألفت الريح، وهادئا كظل نخلة في الظهيرة.

يظهر التارقي بلباسه التقليدي: اللثام النيلي الذي يخفي ملامحه إلا عينيه النافذتين، والجلباب الفضفاض الذي يحميه من الشمس والرياح. يمتطي جمله أو يسير بخطى واثقة، كأنه جزء من الصحراء ذاتها. حين أقترب منه، يبادلني التحية بوقار، وحتى يسألني عن رحلتي، فأبناء الطوارق مولعون بالسفر والترحال.

إن كان يحمل إبريق شاي، فأجد نفسي مدعوا إلى جلسة قصيرة تحت ظل خيمة أو شجرة، حيث تسكب لي كؤوس الشاي الثلاثة التي تعني (الصداقة والمودة والحياة) يتحدث بصوت خافت ولكن بثقة، يحكي لي عن الطرق القديمة التي سلكها أسلافه عبر الصحراء الكبرى، ويخبرني عن واحات بعيدة لا تظهر على الخرائط ..

الرجل التارقي لا يتعجل، فالصحراء علمته الصبر والتأمل. وحين أودعه، يعطيني نصيحة حول طريقي، و حتى يزودني بتمرات وماء، قبل أن يواصل سيره، تاركا خلفه أثرا ضئيلا على الرمال، لكنه يترك لي ذكرى لا تمحى.

وأنا أتابع مسيري على طريقي، يراودني إحساس بأني التقيت بظل من الماضي، بشخص يحمل في نظراته حكمة الرمال الممتدة بلا نهاية. الرجل التارقي ليس مجرد رحالة، بل هو وصي على دروب الصحراء، يحفظ أسرارها كما تحفظ الكثبان آثار الرياح لليلة واحدة قبل أن تمحوها فجرا ..

دائما ما كنت محظوظا أن أقضي الليل معه، أرى كيف يتحول عالم الصحراء بعد الغروب. أجلس معه قرب نار هادئة، يروي لي قصص الأسلاف عن قوافل الملح والذهب التي كانت تعبر هذه الدروب منذ قرون، عن الفرسان الذين واجهوا العواصف ، وعن ليال صافية كانت النجوم فيها دليلهم الوحيد.

شاهد أيضاً

الجزائر

وزير الخارجية وانغ يي : الصين على استعداد لتعزيز الصداقة والتعاون مع الجزائر

شفا – قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، اليوم الأربعاء، إن الصين على استعداد للعمل …