3:23 مساءً / 22 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

إلى أين تتجه الصين بعد تجاوز استهلاك الكهرباء حاجز ” تريليون كيلوواط ساعة ” ؟ ، بقلم : تيان جيانينغ

إلى أين تتجه الصين بعد تجاوز استهلاك الكهرباء حاجز ” تريليون كيلوواط ساعة ” ؟ ، بقلم : تيان جيانينغ


في يوليو وأغسطس 2025، تجاوز إجمالي استهلاك الكهرباء في الصين حاجز “تريليون كيلوواط/ساعة” لشهرين متتاليين، مسجلا رقما قياسيا جديدا. هذا الإنجاز لا يعكس فقط استمرار حيوية الاقتصاد الصيني فحسب، بل يفتح أيضا نافذة جديدة لمراقبة التحول الصيني نحو الطاقة الجديدة.


من منظور اقتصادي كلي، غالبا ما يُنظر إلى استهلاك الكهرباء كمقياس للنشاط الاقتصادي. فارتفاع درجات الحرارة في الصيف، إلى جانب انتعاش الإنتاج الصناعي والحوافز السياسية، أدي إلى زيادة متزامنة في استهلاك الكهرباء من قبل الأسر وقطاع التصنيع. وفي أغسطس، ارتفع استهلاك الكهرباء في قطاع التصنيع بنسبة 5.5% على أساس سنوي، مع زخم قوي في قطاعات مثل الصلب ومواد البناء والمعادن اللاحديدية والكيماويات. علاوة على ذلك، لعبت عمليات توليد الطاقة والإنتاج في صناعة الطاقة الجديدة دورا هاما في دفع نمو استهلاك الكهرباء.


ولهذا السبب تحديدا، فإن ظاهرة “تريليون كيلوواط/ساعة” ليست مجرد رقم قياسي من حيث الحجم؛ بل هي تحمل تداعيات بعيدة المدى: فهي تُشير إلى أن الصين تدخل سريعا “عصر الكهرباء”، حيث تشهد بنية الطاقة والبنية الصناعية وأنظمة البنية التحتية تحولات جذرية حول الكهرباء كمحرك رئيسي للنمو.


الطاقة الجديدة أصبحت “الركيزة الأساسية الجديدة”


في ظل النمو السريع في استهلاك الكهرباء، تُحطم الإنجازات الصينية في مجال الطاقة الجديدة الأرقام القياسية العالمية باستمرار.


أولا، التوسع السريع في قدرة وإنتاج الطاقة النظيفة


وفقا للإحصاءات، بلغت قدرة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة حديثا في الصين 357 جيجاواط في عام 2024، متجاوزة التوقعات بفارق كبير. وبحلول الربع الأول من عام 2025، بلغ إجمالي قدرة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية المركبة 1.482 مليار كيلوواط، متجاوزة قدرة محطات الفحم لأول مرة.


وفقا لتقرير “مراجعة تحول الطاقة في الصين (2025)” الصادر عن مؤسسة “إمبر” البحثية المعنية بالمناخ، لبّى نمو توليد الطاقة النظيفة بقيادة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 84% من نمو الطلب على الكهرباء في الصين في عام 2024. وفي النصف الأول من عام 2025، تجاوز نمو الطلب، مما أدى إلى خفض استخدام الوقود الأحفوري بنسبة 2%. يشير هذا إلى أن قدرة نظام الطاقة في الصين على تحقيق “تحول أخضر” تتزايد باطراد.


ثانيا، تحديث متزامن لأنظمة تخزين الطاقة، وضبط ذروة الحمل، وشبكة الكهرباء.


كان التذبذب في إنتاج الطاقة المتجددة تحديا عالميا، غير أن الصين واجهته من خلال نهج هندسة النظم. فمشاريع رئيسية مثل محطة فينغنينغ لتوليد الطاقة بالضخ والتخزين في مقاطعة خبي توفر إمكانيات متعددة مثل تنظيم الذروة، وضبط التردد، وتخزين الطاقة، وتوفير النسخ الاحتياطي للنظام، وبدء التشغيل التلقائي، مما يعزز بشكل كبير القدرة على استيعاب وتصدير الطاقة الجديدة. يُحسّن إنشاء خطوط النقل الفائقة الجهد، مثل خطي لونغدونغ-شاندونغ وهامي-تشونغتشينغ، توزيع الطاقة على الصعيد الوطني.


أما الشركة الوطنية الصينية المحدودة لشبكات الكهرباء فقد أنشأت منظومة متكاملة للإنتاج والتخزين والتوزيع، إضافة إلى آليات استجابة طارئة عالية الكفاءة، مما عزز من القدرة على مواجهة الأحوال الجوية القصوى وتقلبات الطلب. وكما يقول الخبراء: لم تعد الطاقة الجديدة في الصين مجرد “مكمل”، بل أصبحت “ركيزة أساسية”.


ثالثا، يُعدّ تغلغل النقل الكهربائي والكهرباء في الاستهلاك النهائي أمرا بالغ الأهمية.


لا تُحدث الطاقة الجديدة تحولا في توليد الطاقة فحسب، بل تُعيد أيضا تشكيل هيكل استهلاك الطاقة. وقد أنشأت الصين أكبر شبكة شحن للسيارات الكهربائية في العالم، بمتوسط محطتي شحن لكل خمس سيارات. وفي عام 2024، ارتفع استهلاك الكهرباء لتصنيع سيارات الطاقة الجديدة بنسبة 34.3% على أساس سنوي، وفي قطاع الإنترنت والخدمات الرقمية ذات الصلة بنسبة 20.5%. كما زاد استهلاك الكهرباء لخدمات شحن واستبدال المركبات الكهربائية بأكثر من 40% على أساس سنوي بين يناير ويوليو من العام الجاري. وقد أدى دمج النقل الكهربائي والكهرباء الخضراء إلى جعل جزء كبير من نمو استهلاك الكهرباء في الصين “أخضرا” بالفعل.


رابعا، قفزة نوعية في تصنيع وتصدير تكنولوجيا الطاقة النظيفة


تزداد أهمية الصين في سلاسل إمداد الطاقة النظيفة العالمية يوما بعد يوم. فقد بلغ حجم صادرات الألواح الشمسية الصينية في عام 2024 نحو 236 جيجاواط، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 2019، ومن المتوقع أن تسجل رقما قياسيا جديدا هذا العام. وتشير بيانات “إمبر” إلى أن واردات أفريقيا من الألواح الشمسية الصينية تجاوزت 15 جيجاواط خلال الاثني عشر شهرا المنتهية في يونيو 2025، بزيادة 60% عن العام السابق.


ومن توربينات الرياح إلى العواكس وأنظمة التخزين ومكونات الهيدروجين، تنتشر التكنولوجيا والقدرات التصنيعية الصينية في أنحاء العالم. فالصين تنتقل من كونها “دولة مستهلكة للطاقة” إلى “دولة منتجة لتكنولوجيا الطاقة”، لتعيد تشكيل المشهد العالمي للطاقة النظيفة بقوتها الصناعية وقدرتها الابتكارية.


إنارة الصين… وإنارة العالم


هذه الإنجازات ليست معزولة؛ بل تحمل تداعيات عميقة على منظومة الطاقة العالمية. يُظهر أحدث تحليل لـ “إمبر” أنه في النصف الأول من عام 2025، تجاوز توليد الطاقة المتجددة عالميا توليد الطاقة من الفحم لأول مرة، حيث ستساهم الصين بالحصة الأكبر من هذا النمو. هذا يعني أن الصين لا تقود ثورة الطاقة الخاصة بها فحسب، بل ستصبح أيضا محركا رئيسيا للتحول الأخضر العالمي.


وإذا تمكنت الصين خلال العقد القادم من الانتقال من كونها “قوة كهربائية كبرى” إلى “قوة كهربائية خضراء وتكنولوجية”، فستحصل على مزيد من الاستقلالية في مسارها التنموي، وتقدم للعالم نموذجاً عملياً ومقنعاً للتحول الطاقوي.


وعلى طريق الانتقال من “استهلاك الكهرباء” إلى “الاستخدام الأمثل للكهرباء”، يسطع في الأفق مستقبل أكثر نظافة وكفاءة وذكاء واستدامة — حيث تُضيء الصين نفسها… وتُضيء العالم.

(ملاحظة) اقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

شاهد أيضاً

إحياء الذكرى المئوية لتدشين الكنيسة الروسية المقدسة "كنيسة الآباء القديسين" في الخليل

إحياء الذكرى المئوية لتدشين الكنيسة الروسية المقدسة “كنيسة الآباء القديسين” في الخليل

شفا – اقيمت في مدينة الخليل مراسم إحياء الذكرى المئوية لتدشين الكنيسة الروسية المقدسة “كنيسة …