
تتلفّت السيوف ، بقلم : محمد علوش
تتلفّتُ السيوفُ
كأنها تتذكّرُ أسماءَها الأولى،
وتبكي الصحراءُ،
تذرفُ رمالَها دمعاً خفيّاً
على أطلالِ الحنين.
وأبو ذرٍّ الغفاري
يمشي على ظلِّه،
وحيداً في موسمِ النفط،
وحيداً في حربِ الخبز،
وفي خبزِ الحروب.
يسكنُه وجعُ الخليفة،
وغبارُ الغزاةِ والمدّعين،
لكنّه يبتسمُ،
ففي فمه تنبتُ الكلماتُ وعوداً،
وعلى جفنيه
ترفرفُ الرماحُ والعصافيرُ معاً،
كأن السماءَ تورقُ
في أرضِ الخلاص.
وأبو ذرٍّ
يلوذُ في عتمةِ الأئمّة،
في مقلةِ العيونِ المصلوبةِ بالدهشة،
في القلوبِ التي جرّبت الشجاعةَ بالصمت،
يصدحُ بالرفض،
كما يتلو العارفُ نشيدَ البدءِ،
يثورُ على الحياةِ والدين،
والدينِ والحياة،
كأنّه يكتبُ على جدارِ الريح
وصيّةَ النورِ الأخيرة.
وتتلفّتُ السيوفُ،
تسأل عن معناها في زمنِ الحديد،
وتشتعلُ المكتباتُ بالمواعظ،
وتسقطُ خطبُ الكافرين رماداً في الكفّ.
ومن أعالي السماء،
يطلُّ نجمٌ من جهةِ “ذي قار”،
يبشّر بالانتصارات،
وعلى وقعِ “ذاتِ الصواري”
تنهضُ الذاكرةُ من غفلتها،
تتنفّسُ الأرضُ أرواحَها القديمة،
وتشتعلُ النيرانُ
من تحتِ الرماد.
هناك،
حيث يصطكُّ الصمتُ كالسيوف،
ويشرقُ الفجرُ بالوعيد،
تتوهّجُ الحكمةُ بالعنفوان،
وترتّلُ الخيولُ أناشيدَها،
صهيلاً..
وبطولاتٍ..
وأبديةً تمضي إلى الله.