
الدكتور الفاضل بشار جبر… ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
حين تُمنح شهادةُ الطب لمن يستحقها، فإنها لا تكون مجرد وثيقةٍ جامدةٍ تُعلَّق على الجدار، بل تصبح وسامًا يُعلَّق على صدر الإنسانية، ودليلًا على عظمة من اختار أن يجعل من مهنته رسالةَ رحمةٍ قبل أن تكون وسيلةَ رزق. فالطبّ، في جوهره، ليس علاجًا للأجساد فحسب، بل بلسمٌ للروح، ولمسةُ حنانٍ تُعيد للإنسان طمأنينته وثقته بالحياة.
كنتُ ذات يومٍ أحتاج إلى إجراءٍ طبيٍّ دقيقٍ في عيوني، بعد أن بدأت أعاني من أكياسٍ دهنيةٍ صغيرةٍ فوق الجفن، وهي وإن بدت بسيطة، إلا أن قربها من العين يجعل القلق يتسلل إلى القلب. بدأت أبحثُ بتأنٍ عن طبيبٍ يملك يداً ماهرةً وقلباً نقيّاً، حتى ساقني القدر إلى اسمٍ يُشعّ احتراماً ومهنيةً في الوسط الطبي الفلسطيني: الدكتور بشار جبر.
طبيبٌ لا يشبه سواه، يجمع بين العلم الغزير والتواضع الأصيل، وبين الهدوء المطمئن والدقة التي تُشعرك أنك أمام إنسانٍ لا يرضى إلا بالإتقان. يحمل الدكتور بشار جبر البورد الفلسطيني في طب وجراحة العيون، كما نال الزمالة في الجراحة التجميلية والترميمية لجراحة العيون، ليكون من النماذج النادرة التي تمزج بين الخبرة الواسعة واللمسة الفنية الدقيقة التي يحتاجها هذا التخصص الحساس.
تواصلت معه للمرة الأولى، فكان في غاية الأدب والاحترام والرقي في التعامل. يتحدث بثقة الطبيب العارف وبساطة الإنسان الصادق. يجيب على الأسئلة بتفصيلٍ مريحٍ، ويُشعرك أن الوقت ملكك لا ملك سواه. حددنا موعد الفحص، وتمت الإجراءات بكل سلاسةٍ ودقةٍ وطمأنينةٍ نادرة. وفي يوم العملية، تجلى أمامي معنى الطبيب الحقيقي: هدوءٌ في الملامح، يقينٌ في النظرة، وثقةٌ في الأداء. تمت العملية بنجاحٍ بفضل الله أولًا، ثم بفضل مهارته العالية وحكمته في التعامل مع أدق التفاصيل.
لكن ما زاد إعجابي وامتناني، أنه لم يغادر المشهد بعد انتهاء العملية، بل ظلّ حاضراً بمتابعته الدقيقة واهتمامه الكبير. يتواصل مع المريض، يسأل عن حالته، يجيب على أي استفسارٍ في أي وقت، وكأنه لا يرى في المريض رقماً أو حالةً، بل إنساناً يستحق الرعاية والاهتمام. تلك الأخلاق الرفيعة والمهنية العالية جعلتني أقول بفخر: ما زالت فلسطين تُنبت رجالاً في قامة الإنسانية والعلم.
كم هو رائع أن تجد في وطنك طبيباً يجعلك مطمئنّاً، فلا تحتاج للسفر أو الانتظار في بلادٍ بعيدةٍ بحثاً عن العلاج. فبين أيدينا أطباءٌ مبدعون، مثقفون، وملتزمون بأسمى قيم الطبّ النبيل، مثل الدكتور بشار جبر، الذي يجسد نموذج الطبيب الذي يُعامل المهنة على أنها عبادة، والمرضى على أنهم أمانة.
إنه الطبيب الذي يدخل غرفة العمليات كما يدخل ساحة صلاة، بعينٍ يقظةٍ وقلبٍ خاشع، لا يبحث عن شهرةٍ ولا مجدٍ زائل، بل عن رضى الله وشفاء الناس. وحين يغادر المريض عيادته، يغادر وهو يحمل في قلبه أثراً طيباً لا يُمحى، وأمنيةً صادقة أن يكون كل طبيبٍ على نهجه وسيرته.
فكل الشكر والعرفان للدكتور بشار جبر، الطبيب الذي جمع بين الحرفية والإنسانية، بين العلم والعاطفة، بين دقة الجراح ودفء القلب.
دمتَ نموذجاً مشرفاً للطبيب الفلسطيني، ووسامًا يُعلَّق على جبين الوطن الذي يفتخر بأمثالك.
فأمثالك لا يُشكرون بالكلمات، بل تُرفع لهم الدعوات أن يحفظهم الله ويبارك في علمهم وأثرهم.
فمن يداوي العيون، يستحق أن يُرى بنور القلب،
ومن يزرع الطمأنينة في الناس، يبقى أثره ضوءاً لا ينطفئ.