12:59 صباحًا / 8 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

سليم النفار.. الشاعر الذي حمل وطنه في قصيدته ورحل تحت الركام ، بقلم : محمد علوش

سليم النفار.. الشاعر الذي حمل وطنه في قصيدته ورحل تحت الركام

سليم النفار.. الشاعر الذي حمل وطنه في قصيدته ورحل تحت الركام ، بقلم : محمد علوش

في الذكرى الثانية لاستشهاد الرفيق الشاعر والمناضل سليم النفار، تستعاد سيرته كما تستعاد ملامح أولئك الذين يتركون أثراً لا يزول، لأنهم عاشوا الحياة بما يفوق حدودها، وواجهوا قسوتها بما يليق بالذين يربطون مصيرهم بقضية عادلة لا تعرف الانكسار.


لم يكن النفار مجرد شاعر يكتب لأجل الجمال، بل كان مناضلاً ملتزماً بقضايا شعبه، وصوتاً وطنياً صادقاً انتمى بعمق إلى جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، التي قدّم فيها جهده وفكره، وكان عضواً فاعلًا في لجنتها المركزية ورفيقاً للدروب الطويلة.


في حياة سليم النفار، اختلط الشعر بالنضال كما يختلط الملح بمياه البحر، لا تميّز بينهما ولا تحتاج لذلك، فكان شاعرًا يرى في الكلمة بندقية لا تطلق النار بل تطلق الوعي، ويرى في القصيدة وطناً يعاد بناؤه كلما هدم، ويعاد ترميمه كلما اشتد عليه القهر، كتب يافا كما لو أنها سرّ شخصي لا يفشى، وكتب غزة كما لو أنها القلب الذي لا يجوز أن يتعب، وكتب الإنسان الفلسطيني بكل ما فيه من ألم وصبر وعناد، ولم يكن شعره ترفاً، بل كان صورة أخرى للمقاومة، وامتداداً لصوت الذين يرفضون الاستسلام أمام الظلم والعدوان.


وحين كان الوطن بحاجة إلى الموقف أكثر من القصيدة، كان النفار حاضراً، عرفته الجبهة مناضلاً لا تغريه المواقع ولا تفتنه المناصب، ورفيقاً يرى في العمل الوطني مسؤولية وليست وجاهة، وطريقاً طويلًا يحتاج إلى صدق وإيمان وانحياز دائم للفقراء والمقهورين وضحايا الاحتلال، ولم يكن يساوم على الثوابت الوطنية، وكان يرى أن تجديد البنية الوطنية يبدأ من مواجهة كل ما يعطّل قدرة الشعب على الصمود والوحدة واستعادة دوره النضالي.


واليوم، بعد عامين على رحيله القاسي تحت ركام العدوان في غزة، ومعه أفراد من عائلته، يبقى حضوره أشدّ من الغياب، فالشهداء الذين يرحلون دون وداع يتحولون إلى رموز مضاعفة، وإلى ذاكرة متجذّرة لا يزحزحها الزمن، وما زال العالم عاجزاً حتى الآن عن رفع الركام عن جسده الطاهر، لكن حضوره المعنوي بقي أقوى من كل ما يمكن أن يطمر أو ينسى، ففي كل ذكرى، يعود صوته من خلف الغبار، كأن القصيدة التي لم يكتبها بعد لا تزال تبحث عنه، وكأن المكان يفتقده بطريقة لا تخطئها العين.

سليم النفار ليس مجرد اسم يذكر، بل تجربة كاملة من الصدق والنقاء والإصرار، كان يعرف أن فلسطين لا تكتب فقط بالبيانات والسياسة، بل بالقصيدة التي تمنح للمعنى حياة، وبالنضال الذي يمنح للقصيدة صدقها، ولذلك بقي بين رفاقه في الجبهة حاضراً، بصوته ومواقفه وابتسامته ومحبته لمكانه ولشعبه، وغيابه ترك فراغاً واسعاً، لكن أثره ترك حضوراً لا يزول.


سلام على سليم النفار.. الشاعر الذي لم يترك قصيدته تنطفئ، والمناضل الذي لم يتراجع عن خطه الوطني، والإنسان الذي ظل جزءاً من ذاكرة شعبه.. سلامٌ عليه يوم حمل قلمه، ويوم حمل القضية، ويوم حملته الأرض شهيداً.. سلامٌ على روحه التي لا تزال تضيء الدروب الطويلة التي أحبّها ومشى فيها حتى النهاية.

شاهد أيضاً

محمد علوش يوجّه رسالة تضامن إلى الجمعية الدولية للشعوب بفنزويلا

محمد علوش يوجّه رسالة تضامن إلى الجمعية الدولية للشعوب بفنزويلا

شفا – وجّه الرفيق محمد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، رسالة سياسية …