
إن لم يكن بك خيرٌ لأهلك، فلن يكون لغيرهم، بقلم : د. سهير يوسف سحويل
تتردد على مسامعنا حكمة قديمة تحمل في طياتها معيارًا دقيقًا لشخصية الإنسان وأصالته: “إن لم يكن بك خيرٌ لأهلك، فلن يكون بك خيرٌ لأحد”. هذه المقولة ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي قاعدة أساسية توضح أن علاقة الفرد بأسرته هي النواة التي تنطلق منها جميع علاقاته الأخرى. فالأسرة هي المحيط الأول الذي يختبر فيه الإنسان مشاعر الحب، والعطاء، والتضحية، والإحسان.
الأسرة: مرآة الذات تعتبر حيث طريقة تعامل الشخص مع والديه وإخوته وأبنائه انعكاسًا حقيقيًا لمعدنه. فالخير الذي لا يبدأ من البيت غالبًا ما يكون خيرًا سطحيًا أو مؤقتًا، وقد يكون مدفوعًا بمصالح شخصية أو رغبة في كسب رضا الآخرين. أما الإحسان الحقيقي، فهو الذي ينبع من الداخل دون انتظار مقابل، وأولى الناس بهذا الإحسان هم الأهل.
وقد أكدت التعاليم الدينية على أهمية بر الوالدين وصلة الرحم، وجعلتها في مرتبة متقدمة من الأعمال الصالحة. فقد قرن الله سبحانه وتعالى الإحسان إلى الوالدين بعبادته وتوحيده في مواضع عدة من القرآن الكريم، مما يدل على عظيم حقهما.
انعكاسات تمتد إلى المجتمع: إن الشخص الذي يقصر في حق أهله، سواء بالإهمال العاطفي أو المادي، يجد صعوبة في بناء علاقات صحية ومستدامة مع الآخرين. ففاقد الشيء لا يعطيه؛ فمن لم يتعلم العطاء والتراحم في بيئته الأولى، كيف يمكنه أن يمنحه لزملائه وجيرانه ومجتمعه؟ إن معاملة الأهل تؤثر بشكل مباشر على سلوكيات الفرد وتفاعلاته الاجتماعية خارج نطاق الأسرة.
ثمار الخير تبدأ من الجذور على النقيض، فإن الشخص البار بأهله، الحريص على رعايتهم وخدمتهم، هو الأقدر على نفع مجتمعه. فبر الوالدين وصلة الأرحام يورثان البركة في الرزق والعمر، ويجلبان رضا الله وتوفيقه. كما أن هذا الإحسان يغرس في النفس قيمًا عظيمة مثل الوفاء والمسؤولية والرحمة، وهي القيم ذاتها التي تبني مجتمعات قوية ومترابطة.
في الختام، يجب أن تكون علاقتنا بأهلنا هي الأساس الذي نبني عليه تعاملاتنا مع العالم بأسره. فالخير الحقيقي هو الذي يضرب بجذوره في تربة الأسرة، ثم تمتد أغصانه لتظلل الآخرين.
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .