12:01 صباحًا / 16 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

من فقدان العمل إلى فقدان الأمل ،، مئات آلاف العمال الفلسطينيين بين الجدار والجوع ،، بقلم : معروف الرفاعي

من فقدان العمل إلى فقدان الأمل ،، مئات آلاف العمال الفلسطينيين بين الجدار والجوع ،، بقلم : معروف الرفاعي

من فقدان العمل إلى فقدان الأمل ،، مئات آلاف العمال الفلسطينيين بين الجدار والجوع ،، بقلم : معروف الرفاعي

منذ مطلع العام الجاري، استشهد ستة عمال من حملة الهوية الفلسطينية، نتيجة اعتداءات وملاحقات من قبل قوات الاحتلال أثناء دخولهم أو محاولتهم دخول القدس المحتلة، كان آخرهم سليم راجي الفار (57 عامًا) من بلدة الزبابدة في جنين، الذي ارتقى بتاريخ 15 أكتوبر 2025 بعد أن تعرّض للضرب على رأسه قرب جدار الفصل في بلدة الرام شمال القدس، وفي وقت سابق من الشهر نفسه، استشهد محمد خلدون جمعة من بلدة دير الغصون شمال طولكرم، في 6 أكتوبر، إثر سقوطه عن جدار الفصل العنصري أثناء محاولته الدخول إلى القدس، كما قضى سند حنتولي (25 عامًا) من قرية سيلة الظهر في جنين، بتاريخ 15 سبتمبر 2025، بعد إصابته برصاصة في الفخذ أثناء محاولته دخول القدس عبر منطقة الضاحية شمال المدينة، أما عرفات قادوس من قرية عراق بورين جنوب غرب نابلس، فقد ارتقى في 27 مايو 2025 إثر سقوطه عن جدار الفصل في بلدة الرام شمال القدس، فيما استشهد ماهر صرصور (59 عامًا) من قرية سرطة غرب سلفيت في 15 مارس، خلال ملاحقة قوات الاحتلال لعدد من العمال قرب جدار الرام خلال شهر رمضان، كما قضى رأفت حمّاد (35 عامًا) من بلدة سلواد شرق رام الله في 12 مارس 2025، بعد سقوطه عن علو أثناء اقتحام الاحتلال ورشة بناء كان يعمل فيها داخل القدس.


منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، يعيش مئات آلاف العمال الفلسطينيين الذين كانوا يعملون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 مأساةً إنسانية واقتصادية غير مسبوقة، فقد أغلقت سلطات الاحتلال أبواب العمل في وجوههم، وسحبت تصاريحهم، لتتحول حياة آلاف الأسر الفلسطينية إلى دوامة من الفقر والعوز، بعدما كانوا يشكلون شرياناً اقتصادياً رئيسياً لعائلاتهم وللاقتصاد الوطني على حد سواء.


كان نحو 180 ألف عامل فلسطيني يعملون في مجالات البناء والزراعة والخدمات داخل “إسرائيل”، ويتقاضى معظمهم أجوراً تتجاوز ضعف أو ثلاثة أضعاف متوسط دخل العامل في الضفة الغربية، ومع فقدانهم لتلك الوظائف، خسروا مصدر رزقهم الوحيد، ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية لعائلاتهم التي تعتمد عليهم بالكامل.


في المدن والقرى الفلسطينية، يمكن ملاحظة التغيير بوضوح: أسواق فارغة، عائلات عاجزة عن سداد القروض، وأطفال يذهبون إلى المدارس دون مصروف يومي، فيما تكافح الأمهات لتأمين الحد الأدنى من الطعام.


اليأس دفع كثيرين إلى المخاطرة بحياتهم في محاولات دخول “إسرائيل” عبر الفتحات في جدار الفصل العنصري أو عبر القفز فوقه في مناطق مثل الرام وشمال غرب القدس، تلك المحاولات تحولت إلى مشاهد مأساوية، إذ قُتل العشرات برصاص الجيش الإسرائيلي خلال محاولاتهم العبور، فيما أصيب آخرون بجروح خطيرة أو اعتُقلوا وتمّت ملاحقتهم كما لو كانوا مجرمين.


العمال الذين نجحوا في الوصول إلى أماكن عملهم يضطرون للاختباء في مواقع البناء أو المبيت في ظروف قاسية خوفاً من الاعتقال، بعدما شنّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير حملة عنصرية شرسة ضدهم، وصلت حد إصدار أوامر باعتبار العمال الفلسطينيين “إرهابيين”، ومنح قواته الضوء الأخضر لإطلاق النار عليهم بحجة “منع التسلل”.


أمام هذا الواقع القاتم، تبرز تساؤلات حادة حول دور الحكومة الفلسطينية في توفير حلول اقتصادية طارئة لهؤلاء العمال، أين هي مشاريع التشغيل التي وُعد بها المواطنون؟ وأين اختفت المدن الصناعية والعناقيد الاقتصادية التي تحدثت عنها الحكومات المتعاقبة في أريحا وشمال الضفة وجنوبها؟


فحتى اليوم، لم تُقدَّم خطط واضحة أو مشاريع إنتاجية قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من الأيدي العاملة التي تملك مهارات وخبرات تراكمت عبر عقود في أعمال البناء والصناعة والزراعة والخدمات.


تتسع الفجوة أكثر حين يُطرح سؤال آخر: لماذا لا تتدخل الدول العربية والإسلامية الغنية لاحتضان هذه الطاقات البشرية؟ أليس من الممكن فتح مشاريع صناعية أو استثمارية في الضفة الغربية تستوعب جزءاً من هؤلاء العمال؟ أو حتى استقدامهم مؤقتاً إلى دول الخليج والدول العربية التي تعاني نقصاً في الأيدي العاملة المؤهلة في مجالات البناء والتشييد والصيانة؟. إن هؤلاء العمال لا يحتاجون إلى صدقة، بل إلى فرصة عمل تحفظ كرامتهم وكرامة أسرهم.


أصبح العامل الفلسطيني اليوم عالقاً بين جدار الفصل العنصري الذي يحرمه من رزقه، وبين غياب السياسات الاقتصادية الوطنية والعربية التي تضمن له حياة كريمة، وبينما يواصل البعض المجازفة بحياته لعبور الجدار بحثاً عن لقمة عيش، يواصل أبناؤهم الانتظار خلفه على أمل أن يأتي الغد بأفق جديد.


فهل سيبقى مصير مئات آلاف العمال وأسرهم معلقاً بين الجوع والموت؟


أم أن هناك من سيتحرك أخيراً ليعيد لهؤلاء البسطاء حقهم الطبيعي في العمل والكرامة؟

  • – معروف الرفاعي – سياسي واعلامي مقدسي

شاهد أيضاً

إصابات واعتقالات خلال اقتحام قوة خاصة إسرائيلية مدينة نابلس

إصابات واعتقالات خلال اقتحام قوة خاصة إسرائيلية مدينة نابلس

شفا – أصيب ثمانية مواطنين بينهم أربعة أطفال برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأربعاء، …