11:00 مساءً / 15 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل ، ثلاثية الإبداع والهوية والمقاومة الثقافية ، بمناسبة مرور 31 عاما على التأسيس (1994–2025) ، بقلم : د. منى أبو حمدية

مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل ، ثلاثية الإبداع والهوية والمقاومة الثقافية ، بمناسبة مرور 31 عاما على التأسيس (1994–2025) ، بقلم : د. منى أبو حمدية

مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل ، ثلاثية الإبداع والهوية والمقاومة الثقافية ، بمناسبة مرور 31 عاما على التأسيس (1994–2025) ، بقلم: د. منى أبو حمدية

يشكّل مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل أحد أبرز المنارات الثقافية في فلسطين، وواحدا من التجارب الرائدة التي كرّست ثقافة الطفل كجزء أصيل من المشروع الوطني الفلسطيني. فمنذ تأسيسه في السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 1994، حمل المركز على عاتقه مهمة تأسيس فضاءٍ ثقافيٍّ يفتح للطفل الفلسطيني نوافذ الإبداع والحرية، في مواجهة واقع الاحتلال والحصار وتحديات الحياة اليومية.


كان ذلك الحدث التاريخي الذي حضره وزير الثقافة الفلسطيني آنذاك الأخ ياسر عبد ربه، ومجموعة من الشخصيات الثقافية والوطنية من مختلف المدن الفلسطينية، إيذانا بولادة أول مؤسسة متخصصة في ثقافة وفنون الطفل في فلسطين — مؤسسةٍ سيكون لها أثر عميق ومستمر في المشهد الثقافي الوطني.

اولا: رؤية التأسيس ودور النخبة الثقافية

جاء تأسيس المركز في مرحلة حساسة من التاريخ الفلسطيني، حين كان الوعي العام يتجه نحو بناء مؤسسات الدولة ومقومات المجتمع المدني. ومنذ اللحظة الأولى، أدرك المؤسسون بأن بناء ثقافة الطفل هو المدخل الحقيقي لبناء مجتمع متوازن وقادر على صياغة مستقبله بوعي وجمال.

تأسس المركز على قاعدة أن الطفل ليس متلقيا فحسب، بل مبدعا قادرا على التعبير عن ذاته، وأن الفن هو لغة المقاومة الناعمة التي تحمي الهوية وتحفظ الذاكرة الجمعية. لقد سعى المركز إلى تحويل الفن إلى وسيلة تعليمية وتربوية وإنسانية تعيد للطفل ثقته بنفسه وانتماءه لأرضه وتاريخه.

ثانيا : فلسفة العمل الثقافي وبرامج التمكين الإبداعي

تبنّى المركز منذ بدايته منهجا يقوم على التكامل بين الفنون والتربية والقيم الوطنية. فكانت برامجه تتنوع بين المسرح، والفن التشكيلي، والموسيقى، والكتابة الإبداعية، والأنشطة التراثية التي تربط الطفل بجذوره الفلسطينية.
من خلال هذه الأنشطة، ساهم المركز في صياغة مفهوم جديد للثقافة الطفولية يقوم على الوعي الجمالي والنقدي، وعلى إشراك الطفل في العملية الثقافية بوصفه شريكا ومشاركا لا مجرد مستفيد.


كما أطلق المركز عبر العقود الثلاثة الماضية عشرات المبادرات التي تركت بصمة في المجتمع المحلي، أبرزها المهرجانات الثقافية، والمعارض الفنية للأطفال، وورش العمل المشتركة مع مدارس الخليل ومؤسسات المجتمع المدني، مما جعل من المركز نموذجا وطنيا يحتذى في دمج الفن بالتربية والهوية.

ثالثا : البعد الوطني والإنساني

لم يكن مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل مشروعا ثقافيا فحسب، بل رسالة وطنية متجذّرة في روح الانتماء والمقاومة السلمية . وقد ترجم ذلك عمليا عبر توظيف الفنون كأداة لتحدي رواية الاحتلال، وإعادة صياغة الوعي الفلسطيني من خلال عيون الأطفال.


إن المركز، في جوهره، يجسد مقولة القائد الشهيد ياسر عرفات: “إنها عيون أطفال فلسطين التي تشد من عزمي وتمنحني القوة وأمامها أشعر بالمسؤولية.”


ففي تلك العيون التي تحتضنها ورش الرسم والمسرح في الخليل، تتجسد روح فلسطين، ويتجدد الأمل بأن الثقافة قادرة على مواجهة التدمير المادي والروحي معًا.

رابعا: أثر المركز في المشهد الثقافي الفلسطيني

على مدى واحدٍ وثلاثين عاما شكّل المركز مدرسةً فنيةً وثقافيةً خرجت اجيالا من الموهوبين الذين حملوا رسالة الفن الفلسطيني إلى الجامعات والمعارض والمهرجانات داخل الوطن وخارجه.


وقد نجح المتطوعون بجهدهم المتواصل وإيمانهم العميق بدور الطفل، في ترسيخ مكانة المركز كمؤسسة ثقافية وطنية مستقلة، استطاعت أن تصمد في وجه التحديات المادية والسياسية، وأن تواصل عطائها رغم الظروف القاسية التي تمر بها المدينة والوطن بأسره.


إن تجربة المركز اليوم تشكل مرجعا في العمل الثقافي الموجه للأطفال، ونموذجا في الاستدامة الثقافية والالتزام بالقيم الوطنية والإنسانية.

إن مرور 31 عاما على تأسيس مركز فنون الطفل الفلسطيني في الخليل هو لحظة وفاء وتقدير لرحلةٍ من الإصرار والإبداع، جسدت العلاقة العضوية بين الثقافة والمقاومة، وبين الفن والهوية.


لقد أثبت المركز، بإدارته الواعية ومجلس إدارته ورؤيته الواضحة، أن الاستثمار في الطفل الفلسطيني هو استثمار في مستقبل الوطن، وأن الفن قادر على تحويل الألم إلى أمل، والاحتلال إلى حافز للمزيد من الإبداع.

كلمة تقدير و وفاء :

في هذه المناسبة العطرة، نتوجه بالتحية والتقدير إلى مجلس إدارة المركز والى الفنان المربي سميح أبو زاكية مدير المركز ، الذي حمل شعلة المركز منذ بداياته، وإلى جميع العاملين والمبدعين الذين ساهموا في جعل هذا الصرح الثقافي منارة مضيئة في سماء الخليل وفلسطين.
فلكم المجد، ولأطفال فلسطين المستقبل الذي يستحقون.

  • – د. منى أبو حمدية – اكاديمية و باحثة – فلسطين .

شاهد أيضاً

ترامب : إسرائيل قد تستأنف القتال في غزة بكلمة مني إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق

شفا – صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء، بأن إسرائيل قد تستأنف القتال في …