12:20 صباحًا / 15 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

” وطنٌ بين يدي الله ” ، بقلم : قمر عبد الرحمن

” وطنٌ بين يدي الله ” ، بقلم : قمر عبد الرحمن

كيف يضيع العمر بين وطنٍ وأسرٍ وأمنية؟
كيف يمرُّ الصباح ولا يعود، كيف يعود؟
نحسب الأيامَ عدّةً، ونجدها مفتاحًا صدئًا في كفِّ طفلٍ لا يكبر. نُحصي المبانيَ المفقودة كأنّها نجومٌ وقفت عن العدّ، ونُحصي الأسماءَ كأنّها ماءٌ يحتاجُ إلى اسمٍ ليشرب.

يا ربّ، كيف تُجازي شعبًا علَّمَ الصبرَ لغةً؟
كيف تُجازيهم إن نَسُوا مرّهم؟ وهل يُنسى المرّ؟
أم تكتب لهم في النسيانِ بلاغًا وتوقّفُ الدمعَ؟
أم تُنقّشُ على صدورهم سلامًا كأنّه زرعٌ نبتَ بعد الحريق؟

أهلُ فلسطين، بصمتهم سؤالٌ طويلٌ لا ينفكُّ عن الكلام، في عيونهم تراكماتُ وطنٍ، وفي أيديهم مفاتيحُ بيوتٍ لم تُفتح. هم الذين يعرفون كيف يزرعونُ الصبرَ بين الأنقاضِ،
وكيف يصنعون من الحَنينِ خبزًا يكفي لليومِ والليلِ.

هل يُكافَأُ الإنسانُ أن ينسى؟ أم تُكافأُ ذاكرته؟
إن كانت المكافأة نسيانًا فليكن نسيانهمُ خفيفًا كنسمةِ فجرٍ، لكنّي أسمعُ في حنجرتهم صلاةً لا تُطفئها الريح،
أسمعُهم يقولون: نريدُ أن نَبني، لا أن نُمحى من الخرائطِ.

يا ربّ، إن أردت أن تُجازي فاجزِهم عزًّا،
اجعل لهم صباحًا يعودُ فيه المزارع إلى أرضه،
واجعل لهم ليلًا ينامون فيه دونَ أن يحرسوا الأحلامَ بالرصاص. أعطهم النسيانَ إذا كان نسيانًا يتيحُ للطفلِ أن يضحكَ، وللأمِّ أن تمسحَ جبينَ ابنِها بلا أن تتذكرَ جسمًا غائبًا.

ولكن إن كانت الجزاءةُ حكمةً لا تُقاس، فلتكن الجزاءُ أن يتحولَ الجرحُ إلى تاريخٍ يُعلّمُ الأجيالَ كيف لا تُغتالُ الكلمات. وليكن النصرُ – لو سمحتَ – ذكرىً لا تُنسى كقوسِ قمرٍ على بيتٍ أعيد بناؤه.

كيف يضيع العمر بين وطنٍ وأسرٍ وأمنية؟
لا يضيعُ العمرُ إن بقي في سؤالٍ أمانةً،
ولا يضيعُ العمرُ إن صار في القلبِ خبزًا للغدِ.
فالنسيانُ إن كان خلاصًا فليكن رفيقًا مؤقتًا،
والذاكرةُ إن كانت سلاحًا فلتكن زرعًا لا حجرًا.

أهلُ فلسطين، إن كان ثمنُ نسيانكم السلامُ فأطلبوه،
وإن كان ثمنُ تذكُّرِكم العدالةُ فتمسّكوا بها كما يتمسّك النخلُ بالأرض.
يا ربّ، اجعل الجزاءَ من جنسِ الأملِ: كبيرًا إلى حدٍّ يكفي أن تُنسى فيه مرارةُ الأمسِ،
وحينَ يَرجعُ الذاكِرونَ إلى بيوتهمِ، فلتكن عودتهم احتفالَ فجرٍ لا ينتهي.

شاهد أيضاً

مستوطن يحتجز 4 مواطنين غرب رام الله

شفا – احتجز مستوطن، أربعة مواطنين من قرية بيت عور الفوقا غرب رام الله. وقالت …