9:36 مساءً / 18 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

قمر فوق المئذنة ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، بقلم : د. وليد العريض

قمر فوق المئذنة ، لوحة الفنان محمد الدغليس ، بقلم : د. وليد العريض

من ديوان “مقاوم خاص(19)

نافذة الروح حين يفتحها القمر:

في ليلٍ يثقل على الأرواح، حيث تختبئ النجوم خلف ستائر الغيم، يظلّ قمرٌ وحيد يمدّ يده فوق المئذنة، كأنه وليٌّ صوفيّ يضع كفّه على جبين الأرض المتعبة. هناك، ينهض المسجد كقلبٍ نابض في جسد الظلمة، قُبّته المضيئة من الداخل تشبه سرًّا لا يعرفه إلا العاشقون ونوافذه البرتقالية تنفث دفئًا يشبه أنفاس الذكر حين يلتقي الصبر بالرجاء.

الأشجار من حوله ليست مجرد عتمة، بل هي ستائر تمتحن الضوء:

هل سيجرؤ أن يخترقها؟ والقمر يجيب:
ما من ليل يُغلق الطريق على من يعرف وجه الله. إنّه مشهدٌ مكتوب بلغة الغيب، حيث المئذنة جسرٌ أبيض بين الأرض المثقلة بالدم والقهر، وبين سماءٍ لا تبخل بضيائها.

هذا المسجد ليس مسجدًا واحدًا… إنّه محراب غزة ونَفَس جنين ودمعة نابلس وحنين الخليل وهو أيضًا صدى الأرواح المقهورة في كلّ حيٍّ مكدّس بالانتظار. هنا يلتقي المكان بالزمان ويكتب لوحةً لا تُقرأ بالعين وحدها، بل بالقلب حين يسجد.
… صلاة مؤجلة تحت القمر :

يا ربّ
متى نصلي براحتنا؟
متى نجلس براحتنا،
دون أن يفتّش الغبار جيوبنا
ودون أن يقتحم الجنود أحلامنا؟

القمر شاهد،
يضيء فوق المئذنة كشمعة يتيمة
ويبارك حجارةً تتلو القرآن رغم الصمت.
الليل طويل،
لكن ضوء النافذة البرتقالي
يقسم أن النور يبدأ من الداخل،
من أرواح تعرف أن الله لا يترك عشّاقه.
نصلي والدمع حارسنا
نصلي والشهداء صفوفنا
نصلي وأبواب السماء مفتوحة
ولو أُغلقت أبواب الأرض كلّها.

يا ربّ
علّمنا كيف نحيا في العتمة،
لكن لا تحرمنا من القمر
واجعل مآذننا عاليةً
كأحلام الأطفال،
مضيئةً كقناديلك الأبدية
وشاهدة أن الصلاة
هي آخر ما يسقط من يد الأسير.


وعد النور الذي لايطفأ:

ليست هذه لوحةً تُعلّق على جدار، بل محرابًا معلقًا في الروح، يذكّرنا أن النور يولد دائمًا من رحم العتمة وأن الصلاة مهما أُجّلت ستظل وعدًا إلهيًا يشرق مع كل قمر جديد.

شاهد أيضاً

لقاء قمة بين الرئيس محمود عباس ونظيره التركي يبحث آخر المستجدات وجهود وقف الحرب على غزة

شفا – بحث رئيس دولة فلسطين محمود عباس، مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس …