
آزرد حين يصبح الوطن حبيبة ، بقلم: د. وليد العريض
الحبّ حين يتجذّر يصبح وطنًا والوطن حين يتجسّد يغدو حبيبة. هكذا أسكن آزرد فلسطين كلّها، أراها في سلفيت طفولتي وفي عمّان غربتي وحنيني وفي إربد راحتي ونصف عمري. فأنا بين هذه المدن إنسان واحد، يحيا بحبٍّ لا ينطفئ.
فإلى آزرد فلسطين التي تسكنني
وإلى سلفيت الجذر وإربد الظلّ و القدس و عمّان المناجاة قصيدتي.
نمتُ مُشتاقًا وصحوتُ على شَجَني
أحملُ الآهاتِ في روحي وفي بَدَني
آزردُ يا فطيرتي يا قُدسَ أغنيتي
يا خمرةَ الحُبِّ يا ميلادي ويقظتي
أنتِ الحبيبةُ في عينيكِ مملكتي
أنتِ فلسطينُ في وجداني ومَسكَني
أهفو إليكِ فتزهرُ الأرضُ باسمةً
ويغسلُ النهرُ عن أيّاميَ الحَزَنِ
من عمّانَ أبعثُ أشواقي على شُهُبٍ
فتستقرُّ على بوّابةِ الوَطَنِ
وأكتبُ القدسَ في سطرٍ وأختمُهُ
باسمكِ يا آزردُ سرّي ومُعلَني
في سلفيتَ رأيتُ الطهرَ أوّلَهُ
ومن حكاياتِها قلبي قد اغتَنِي
سلفيتُ يا جذرَ روحي يا ملاعبَنا
يا زهرةَ العُمرِ في أنسامِكِ الدَّفَنِ
فيكِ البدايةُ لا أنساكِ يا بَلَدي
أنتِ الكتابُ الذي ما غاب عن زمني
وفي إربدَ وجدتُ الروحَ ساحرةً
بيتًا حملتُ بهِ نصفَ العمرِ والسَّكنِ
إربدُ يا حضنَ أيّامي ومنزلَها
يا راحتي يا صدى قلبي ويا سَكَنِي
بين السهولِ وبين الزهرِ في حَدَقِي
يبقى هواكِ مع الأيّامِ يُنعشُني
آزردُ فيكِ يذوبُ القلبُ من وَلَهٍ
كأنّكِ النورُ في ليلٍ بلا قمرِ
أنتِ الصلاةُ وفي عينيكِ مئذنةٌ
تهدي الحيارى وتُبقي الحُلمَ في نظري
أنتِ الترابُ إذا لمستُهُ انفتَحَت
أبوابُ روحي إلى فردوسِ مُبتَكري
أنتِ الحياةُ فإن غِبتِ اشتعلتُ أسىً
كأنني ميّتٌ يمشي على الأثَرِ
يا موطني يا حبيبًا بات يملِكني
ما بين حبِّكِ والآمالِ لم يَبْرَحِ
أهفو إليكِ وإن نامت عيوني هنا
فإنّ قلبي إلى لقياكِ في فرَحِ
من عمّانَ أرفعُ أشواقي منابرَها
فتستجيبُ مآذنُ القدسِ في صَفَحِ
وتستفيضُ غزّةُ الجرحى لتُخبرني
أنّا سنبقى برغمِ السيفِ والذَّبْحِ
آزردُ يا قُدسَ روحي يا خميرتَها
يا خبزَ أيّاميَ المشغوفِ بالملحِ
إن متُّ يومًا فقبري اجعلوه هنا
في سلفيتَ
وتظلّ إربدُ في دَمِي
أصحو لألقاكِ عندَ النهرِ مبتسمًا
كأنني لم أذُقْ صَبرًا ولا جَرَحِ
وأغمدُ الشوقَ في أحضانكِ مبتهجًا
وأستريحُ وقد لبّيتِ لي صَرَخي.