8:31 مساءً / 28 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

142 دولة ترفع أيديها… والعرب يرفعون أكتافهم ! بقلم: د. وليد العريض

142 دولة ترفع أيديها… والعرب يرفعون أكتافهم ! بقلم: د. وليد العريض


من ديوان “مقاوم خاص”

تعقيب على ورقة د. وليد عبد الحي: “دلالات حل الدولتين في تصويت الأمم المتحدة”


منذ السابع من أكتوبر تغيّر المشهد كله. لم تعد إسرائيل الجيش الذي لا يُقهر، بل عصابة مسلّحة ترتجف أمام مقاوم يخرج من تحت الأرض. لم تعد أمريكا قادرة على بيع الوهم بسهولة ولا أوروبا قادرة على غسل يديها من دم غزة. مدينة صغيرة محاصرة جعلت العالم يعيد الحسابات في الأمن والسياسة وصورة الاحتلال.


ثم جاءت مسرحية الأمم المتحدة، حيث رفعت 142 دولة أيديها لتقول “نعم” لحلّ الدولتين. نعم ناقصة، مجروحة، تتنازل عن 78% من فلسطين وتدفن قضية اللاجئين. ومع ذلك، كانت “نعمهم” أكثر رحمة من صمت العرب. أوروبا الاستعمارية التي صنعت وعد بلفور قالت نعم والهند التي تربطها علاقات عسكرية واقتصادية متسارعة مع إسرائيل قالت نعم، واليابان التي تعيش تحت المظلة الأمريكية قالت نعم. أما جزر صغيرة لا يعرفها أحد، لا يتجاوز سكانها حيًّا واحدًا في نابلس أو رفح، فقد ساندت إسرائيل وواشنطن بالتصويت ضد القرار.


العرب كالعادة جلسوا في الظل: غاب بعضهم وامتنع آخرون وتصرّف الباقون كأنهم لم يسمعوا شيئًا. بعضهم خشي أن يُفهم تصويته اعترافًا بإسرائيل وكأن الاحتلال منذ 1948 يحتاج إلى ختمهم كي يكتمل!


تصويت الأمم المتحدة لم يكن معزولًا عن زلزال السابع من أكتوبر، تلك اللحظة التي أكدت أن الفلسطيني ما زال حيًّا يقاوم وأن المقاومة ليست أسطورة بل حقيقة تربك العواصم الكبرى. لكن بينما كانت غزة تنزف وتقاوم، كان العرب يجلسون في قاعات مكيفة يتجادلون: هل نشجب بالعنف من الطرفين؟ هل نصوغ البيان بلغة ناعمة كي لا يغضب السيد الأمريكي؟


النتيجة أن العالم، رغم مصالحه ونفاقه، بدا أكثر إنصافًا من العرب. الغرب اعترف أن وجود دولة فلسطينية ضرورة، فيما انشغلت الأنظمة العربية بتلميع مقاعدها أكثر من تلميع القضية. إسرائيل تعرف أن قيام أي كيان فلسطيني، حتى لو كان هزيلاً، يعني أن النقيض سيبقى شاخصًا إلى الأبد. لذلك تسرّع الاستيطان وتزيد التهجير وتحوّل غزة إلى مختبر للعقاب الجماعي. لكنها، رغم كل ذلك، صارت أكثر عزلة. العالم يقول لها: كفى. أما العرب فيقولون لها: لا تقلقي، نحن غائبون.


السابع من أكتوبر أعاد فلسطين إلى قلب النقاش العالمي وأكد أن صورة إسرائيل تتآكل. لكنه أيضًا كشف أن العرب، حتى في لحظة تاريخية كهذه، لا يجيدون سوى رفع الأكتاف. وهنا تكتمل المأساة الساخرة: حين قاتلت غزة بدمها، انكشفت إسرائيل بوحشيتها وانكشف العرب بخنوعهم.

شاهد أيضاً

وزير خارجية الصين وانغ يي يعقد محادثات مع نظيره الكازاخستاني

وزير خارجية الصين وانغ يي يعقد محادثات مع نظيره الكازاخستاني

شفا – عقد وزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثات مع وزير خارجية كازاخستان يرميك كوشيرباييف، …