
الصليبيون الجدد في غزة برعاية أمريكية ، بقلم : بديعة النعيمي
فجّرت هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” بتاريخ ١٠/سبتمبر٢٠٢٥، فضيحة سياسية وأخلاقية مدوية، حين كشفت أن شركة أمنية أميركية خاصة تُدعى “UG Solutions” استعانت بعناصر من عصابة دراجات نارية أميركية تعرف باسم “Infidels Motorcycle Club” لتولي مهام الحماية المسلحة في مواقع توزيع المساعدات في قطاع غزة، والتي تشرف عليها مؤسسة Gaza Humanitarian Foundation (GHF).
والجدير بالذكر أن هذه العصابة تأسست عام ٢٠٠٦ وعُرفت بخطابها العدائي للإسلام، كما وعرفت بانخراط أعضائها، وغالبيتهم من المحاربين القدامى في الجيش الأميركي، في أنشطة تحمل طابعا صليبيا متطرفا.
واشتهر أفراد العصابة باستخدامهم رموز مثل “الصليب الصليبي”، وارتدائهم قمصانا كتب عليها شعارات مثل “الحملة الصليبية لم تنته”، بل إن بعضهم وشم على جسده الرقم ١٠٩٥، في إشارة إلى العام الذي انطلقت فيه أولى الحملات الصليبية بدعوى من “البابا أوربان”.
وقد كشف التحقيق الصحفي أن عشرة من أعضاء هذه العصابة يعملون رسميا في مواقع توزيع المساعدات في غزة، ومن بينهم سبعة يشغلون مناصب إدارية عليا، كمدراء أمن ومشرفين ميدانيين. والأخطر من ذلك، أن اسم “جوني تاز مولفورد”، القائد الفعلي للعصابة، ورد كمدير للعقود الأمنية مع الشركة الأميركية UG Solutions التي تعمل بتنسيق ضمني مع قوات الاحتلال الصهيونية لتأمين مواقع مؤسسة “GHF”.
ومن المعروف أن هذه المؤسسة، التي بدأت عملياتها في غزة بتاريخ ٢٦/مايو/٢٠٢٥، بعد أن تسلمت مسؤولية توزيع المساعدات بعد انهيار المنظومة الإنسانية التقليدية التي كانت تديرها “الأمم المتحدة”، قُدمت على أنها مبادرة مستقلة، غير أن التحقيق كشف أنها مدعومة من أميركا ومن دولة الاحتلال، وأن ما ترتكبه مع أهلنا في غزة من استهداف وقتل إنما يجري بعيدا عن أي رقابة دولية أو إنسانية.
وعودا إلى عصابة الدراجات، فإن الخطر يكمن في خلفيتها المتطرفة، وهو ما كشفه التحقيق بشأن ارتقاء أكثر من ١٠٠٠ شهيد مدني، خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات في هذه المواقع.
وقد وُثقت مئات الحالات لإطلاق النار المباشر على منتظري هذه المساعدات، في ظروف وصفتها منظمات حقوقية بأنها “إعدامات ميدانية تحت غطاء إنساني”. وإن التوظيف العلني لهذه العصابة المشحونة بخطاب صليبي، وسط غزة التي غالبية سكانها من المسلمين المنكوبين، إنما يمثل خطرا على الهوية الدينية.
وأخيرا فإن ما كشفه التحقيق الآنف الذكر هو صدمة كبرى تكشف أن العمل الإنساني في غزة قد تحول إلى غطاء لجرائم بشعة ترتكب بحق شعب محاصر. وإن استعانة شركة أميركية بعصابة تحمل فكرا صليبيا متطرفا، ومعروفة بعدائها العلني للإسلام، ما هو إلا جريمة متعمدة. وهذا الواقع يفرض تحركا دوليا لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة كل من تورط فيها وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. فلا يمكن للعالم أن يقف متفرجا على إبادة أهلنا في غزة على يد من يدعون المساعدة. كما ويجب إعادة تقييم كامل لآليات العمل الإنساني، وضمان إخراجها من أيدي المقاولين وأرباب الكراهية.
والسؤال الأهم، أين المسلمون من ترك غزة تباد وحدها وتتألم وحدها وتجوع أيضا وحدها ويهجر أهلها؟؟؟
ليت قومي يعلمون أنهم أيضا مستهدفون وأن دورهم ليس ببعيد، وأن ما يحدث هو حرب على عقيدة وهوية وكرامة أمة كاملة.