10:26 صباحًا / 13 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

البيت الأبيض … ، بقالة تبيع العقوبات بالجملة ، بقلم : المهندس غسان جابر

البيت الأبيض … ، بقالة تبيع العقوبات بالجملة ، بقلم : المهندس غسان جابر

في عالمٍ تديره واشنطن كما يدير البائع سوقًا للفواكه الفاسدة، تُوزَّع العقوبات الأمريكية مثل التفاح العاطل: هذا لإيران، ذاك لروسيا، وتلك لسوريا. السؤال الممنوع: هل يمكن للعالم أن يرد الصفعة بصفعة، أم أن أمريكا محصّنة ضد العقوبة؟

أمريكا تبيع العقوبات… مثل بائع متجول في سوق مزدحم

لم تعد الولايات المتحدة قوة عظمى بقدر ما أصبحت بائعة عقوبات تجوب العالم. تفتح حقيبتها، تلوّح بالدولار، وتعرض بضاعتها: “لدينا حصار شامل، تجميد أرصدة، منع استيراد، حظر تكنولوجيا… ماذا تختارون؟”

تتعامل مع الدول كما لو كانت مدرسة ابتدائية: إيران المشاغب الذي يوضع في الزاوية، روسيا الطالب الضخم الذي يجب قص أجنحته، سوريا الطفل الفقير الذي يُعاقب لأنه لا يملك أصدقاء أقوياء. أما هي؟ فهي المديرة والمعلمة والشرطية… التي تكتب القوانين وتمزقها وقتما تشاء.

الدولار: العصا السحرية

ورق أخضر صار عصًا سحرية. الدولار بالنسبة لأمريكا ليس مجرد عملة، بل زيّ خارق ترتديه كل صباح لتفرض إرادتها. كلما أرادت معاقبة خصم، لوّحت بالدولار: “لن تبيعوا إلا عبرنا، لن تشتروا إلا برخصتنا”.

لكن البطولات الورقية لا تدوم، الصين، روسيا، ودول “بريكس” ينسجون ببطء حبلًا من عملات بديلة. وعندما يقرر العالم أن يشرب قهوته باليوان ويشتري نفطه بالروبل، سيتحوّل الدولار إلى مجرد ورق مطبوع… مثل أوراق اليانصيب الرخيصة.

ازدواجية لا تحتاج لتفسير

واشنطن تُعاقب روسيا لأنها غزت أوكرانيا، لكنها غزت العراق وأفغانستان دون إذن. تُعاقب إيران لأنها “ترعى الإرهاب”، لكنها تحتضن إسرائيل وهي تمارس الإرهاب على الهواء مباشرة.

الأمر أشبه بلص يطلق حملة “مكافحة السرقة”، أو مدخّن شره يقود جمعية “أصدقاء الرئة”.

العقوبات المرتدة

لا أحد يملك اليوم القدرة على حظر “سويفت” عن البنوك الأمريكية أو تجميد أموال البيت الأبيض. لكن هناك طريقة أذكى: عقوبة بلا إعلان. كل صفقة نفط لا تمر بالدولار، كل تحالف عسكري لا يمر عبر واشنطن، كل دولة ترفض المشاركة في حفلة العقوبات… هو رصاصة صغيرة في جدار الهيمنة.

واشنطن تعرف أن هذه الرصاصات لا تقتلها فورًا، لكنها تتركها تنزف ببطء، تستيقظ كل صباح وهي أقل هيبة، أقل سطوة، وأكثر قلقًا من السؤال: “ماذا لو جاء اليوم الذي يعاقب فيه العالم أمريكا؟”

نقول: أمريكا تعتقد أنها تملك حق توزيع العقوبات إلى الأبد. لكنها نسيت أن من يزرع الريح يحصد العاصفة، وأن العالم بدأ يكتب فاتورة الحساب.

من يبيع العقوبات… سيشتري العزلة يومًا ما.

  • – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في.

شاهد أيضاً

إصابة مسن برصاص الاحتلال في مخيم طولكرم

إصابة مسن برصاص الاحتلال في مخيم طولكرم

شفا – أصيب صباح اليوم السبت، مواطن برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، عند مدخل مخيم طولكرم …