7:01 مساءً / 8 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

ضربة قاسية على خط ، جباليا – القدس ، تحليل أولي ، بقلم : راسم عبيدات

ضربة قاسية على خط ، جباليا – القدس ، تحليل أولي ، بقلم : راسم عبيدات

يبدو أن “إسرائيل” اليوم تلقت ضربة قاسية على خط جباليا–القدس. ففي جباليا، شمال قطاع غزة، تفُجّرت عبوة ناسفة في دبابة إسرائيلية، تلا ذلك إطلاق نار على الطاقم، ما أدى إلى انفجار الدبابة ومقتل أربعة جنود وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، والجنود من لواء سلاح المدرعات.

أما في القدس، فقد وقعت العملية في منطقة شمالها، مستوطنة “رموت”، حيث شهدت عدة عمليات. نفذها مسلحان فلسطينيان من قريتي القبيبة وقطنة، استخدما مسدسًا ورشاشًا محلي الصنع (“كارلو”). جرى تنفيذ العملية وقت ذروة الازدحام، وشملت تمويهًا؛ إذ تنكر أحدهما بزي شرطي سير وصعد إلى الحافلة، وأطلق النار بدءًا من “نقطة الصفر”، ما أدى إلى ارتفاع أعداد القتلى والجرحى: خمسة قتلى و16 جريحًا، سبعة منهم في حالة حرجة. إن نفاذ المنفذين من حواجز الاحتلال الأمنية وكاميرات المراقبة يشكل ضربة أمنية استخبارية قاسية لإسرائيل، خاصة أن المنطقة محروسة أمنياً على مدار الساعة.

يبدو أن العملية مخططٌة ومدروسٌة ومدعومٌة بمعلومات دقيقة من المنفذين، الذين كانوا على دراية كاملة بطبيعة المنطقة وحركتهم فيها.

جاءت هذه العملية في ظل حرب شاملة على الشعب الفلسطيني، تصاعدت وتيرتها بشكل غير مسبوق في القدس: هدم المنازل يوميًا، وتوزيع إخطارات الهدم، واقتحامات المسجد الأقصى، وعمليات الإبعاد لشبان مقدسيين، تمهيدًا لفترة الأعياد اليهودية (رأس السنة، عيد العرش، يوم الغفران، نزول التوراة). كذلك تسارع الاستيطان في القدس، وطرد وهدم تجمعات بدوية شرقها؛ 22 تجمعًا بدويًا يسكنها نحو 7 آلاف مواطن مهددة بالطرد، إلى جانب محاولات طمس هوية المدينة وتاريخها العربي الإسلامي–المسيحي وتزوير آثارها وتراثها.

في الضفة الغربية، تستمر اعتداءات المستوطنين، بدعم جيش الاحتلال والشرطة: اقتحام قرى وبلدات ومخيمات، حرق ممتلكات ومركبات، قطع أشجار، مصادرة وقتل حيوانات، حرق المراعي، إقامة مستوطنات رعوية، وفي هذه الهجمات يستشهد ويُصاب مدنيون، بينما يتم الاستيلاء على مساحات واسعة من الأرض.

أما في القطاع، فتستمر مجزرة التجويع وحرب الإبادة، وتطبيق ما يُعرف بـ”عقيدة جباليا”، أي حرق الحاضنة الشعبية واستهدافها لتسهيل الطرد والتهجير، وخلق عبء كبير، خاصة من خلال تدمير الأبراج السكنية المكونة من عشرات الشقق، ما يضاعف الأعباء العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والنفسية على المقاومة لإجبارها على الاستجابة لشروط وقف إطلاق النار.

كل التجارب والمشاريع التي شاركت فيها أمريكا، إلى جانب “إسرائيل”، باتت تؤكد أن الحلول السياسية المستدامة لم تعد ممكنة. بعد معركة السابع من أكتوبر 2023، دخل الصراع في مرحلة وجودية، وتقوم النظرية الأمريكية–الإسرائيلية على رفض التعايش مع أي مقاومة مسلحة، لا سيما في الضفة والقطاع وسوريا ولبنان. لذلك لا مفرَّ من استمرار القتال في هذه الجبهات، بشرط أن تظل المعارك ضمن حدود متوسطة أو منخفضة، تكون لإسرائيل اليد الطولى فيها، وفق معادلة “المعركة بين حربين”. هذا يعيد نماذج ما كان يحدث في زمن النظام السوري السابق، وما يجري على جبهات لبنان، إلى جبهات قطاع غزة والضفة الغربية.

من هنا، يبدو أن الأطروحة السياسية بعد حرب عام 1967 — التي تبنتها القمة العربية في بيروت (مارس 2002) والمعروفة بـ”مبادرة السلام العربية” — سقطت إلى غير رجعة. فقد وصفها رئيس وزراء “إسرائيل” آنذاك، شارون، بأنها “لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به”. بعد معركة السابع من أكتوبر، ظهر الطرح الأمريكي–الإسرائيلي الجديد: “التطبيع والسلام مقابل الأمن”، الذي يعني ضم أراضٍ عربية تسيطر عليها إسرائيل لأمنها، كما هو الحال في جنوب سوريا والخطط المستقبلية لجنوب لبنان، حيث تُحوَّل القرى الحدودية إلى منطقة أمنية محمية، ولكن مع منع عودة سكانها وإعادة إعمارها، وحق إسرائيل في التدخل العسكري والأمني حال شعورها بأي تهديد. إضافة إلى ذلك، يتم نزع وتدمير الأسلحة الاستراتيجية للدول العربية، كما حصل في سوريا والعراق.

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تقتحم مدينة البيرة

قوات الاحتلال تقتحم مدينة البيرة

شفا – اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الإثنين، مدينة البيرة. وأفادت مصادر أمنية، بأن …