
لا مجاعة في غزة..-غوغل و-إكس- في خدمة البروباغاندا الصهيونية ، بقلم : بديعة النعيمي
لا مجاعة في غزة..”غوغل” و “إكس” في خدمة البروباغندا الصهيونية.
تم مؤخرا الكشف عن تحقيق استقصائي يفيد بأن شركة “غوغل” أبرمت عقدا بمبلغ ٤٥ مليون دولار مع مكتب رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو”، لتقديم خدمات دعائية تستهدف تلميع صورة الحكومة الصهيونية، على خلفية الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. هذا العقد، الذي تم الكشف عنه من خلال وثائق حكومية صهيونية وشهادات من مصادر داخلية، يأتي في توقيت حساس يشهد فيه القطاع المحاصر منذ سنوات تصعيدا غير مسبوق، تمثل في منع تام لدخول الغذاء والدواء والوقود منذ مارس/٢٠٢٥، مما أسفر عن مجاعة موثقة حذرت منها “الأمم المتحدة”، التي اكتفت بدور المراقب فقط وكتفت ذراعيها.
ووفقا لما نشره موقع “دروب سايت”، فإن الحملة التي مولتها “غوغل” لصالح حكومة الاحتلال بدأت مباشرة بعد تصاعد الانتقادات الدولية لانتهاكات “تل أبيب” في غزة، وتحديدا بعد فرض الحصار الكامل على القطاع.
الحملة تضمنت بث إعلانات مدفوعة على منصات “غوغل” المختلفة، من بينها “يوتيوب”، التي بدأت بالترويج لروايات تنكر وجود مجاعة، وتتهم الفلسطينيين بفبركة المشاهد التي توثق المعاناة اليومية في القطاع.
وما سمي بالتعاون بين شركة “غوغل” وحكومة الصهاينة، تجاوز مجرد الخدمات التجارية إلى مستوى الشراكة السياسية كما يقال. في الوقت الذي يجب أن تتسم فيه شركات كهذه بالحيادية، ولا سيما في القضايا ذات الطابع الإنساني، مثل الوضع في غزة الذي تصفه منظمات حقوقية كبرى بأنه “تطهير عرقي” و”إبادة جماعية بطيئة”.. وما يحصل مع شركة مثل “غوغل” لا يقع تحت عدم القدرة على مقاومة الضغوط الصهيونية، لأن الصهيونية تتغلغل في الأصل في مثل هذه الشركات وغيرها، وهي تسيطر عليها بشكل كامل. وما يطلق عليه تعاونا وشراكة ما هو إلا غطاء كاذب.
والحملة الإعلانية آنفة الذكر لم تقتصر على “غوغل” فقط، فهناك تعاقدات مع منصات أخرى مثل منصة “إكس” “تويتر” سابقا، حيث تضمن العقد توجيه حملات لتشويه سمعة مؤسسات فلسطينية ودولية تعمل على توثيق الجرائم الصهيونية، مثل مؤسسة هند رجب القانونية، و”الأونروا”، التي اتهمت من قبل جهات صهيونية ب “المساهمة في تفاقم الوضع الإنساني”، وقد جاءت هذه الاتهامات بهدف محاولة صرف الأنظار عن الحصار الممنهج على غزة.
والمأساة في غزة تتحدث عن نفسها، فقد تجاوز عدد الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية ٣٧٦ حالة، من بينهم أكثر من ١٣٤ طفلا بحسب ما نشره مدير صحة غزة الدكتور منير البرش على حسابه على منصة “إكس” قبل ساعات من كتابة هذا المقال، في وقت لا تزال فيه قوافل الإغاثة تمنع من الدخول، والمرافق الطبية تئن تحت وطأة الانهيار. ومع ذلك، تصر الآلة الدعائية المدعومة من “غوغل” على نفي وجود مجاعة، وتلميع صورة حكومة “نتنياهو” المتهمة بارتكاب جرائم حرب.
وقد أدت هذه الحملة إلى حالة من الغضب في الأوساط الحقوقية الدولية، إذ وجهت انتقادات لاذعة لغوغل لضلوعها في تضليل الرأي العام، وشرعنة الرواية الصهيونية الزائفة، في وقت يفترض فيه أن تلتزم الشركات العالمية بالمعايير الأخلاقية، خصوصا في النزاعات المسلحة. ولكن كل الأخلاقيات تسقط من أجل عيني الدولة الزائلة.
إن ما كشف عنه التحقيق ليس إلا نموذجا هابطا لتوظيف التكنولوجيا في تزييف الواقع وتبرير الظلم. وهو يطرح إشكاليات خطيرة حول دور شركات التكنولوجيا الكبرى في النزاعات، وحدود المسؤولية الأخلاقية التي يجب أن تلتزم بها، خاصة حين تتحول أدواتها إلى منصات لإنكار الكوارث وتبرير الإبادات.