
” ميلاد الحبيب المصطفى ﷺ .. فجرٌ أضاء التاريخ ، ونورٌ يواسي فلسطين في ليلها الطويل ” ، بقلم : د. منى ابو حمدية
في مثل هذا اليوم المشرق بالرحمة، انبثق من رحم مكة نورٌ غيّر مجرى التاريخ، وولد الحبيب المصطفى ﷺ، ليكون للعالمين رحمةً، وللقلوب طمأنينة، وللأرواح قبسًا من هدى الله. لم يكن مولده مجرد لحظة زمنية، بل كان انفجار فجرٍ جديد، انحسرت أمامه عتمة الجاهلية، كما تنحسر الظلال أمام وجه الشمس.
محمد ﷺ هو البداية التي لا تنتهي، والرسالة التي ما برحت تتردّد في وجدان الإنسانية: أن الحق لا يموت، وأن الرحمة هي الطريق، وأن الحرية عبادة تُصان بدماء الصادقين.
واليوم، في فلسطين، حيث يئنّ الجرح ويزهر الأمل، نستقبل ذكرى المولد النبوي الشريف بمعنى مختلف؛ فهي الأرض التي باركها الله، والتي تعرف يقينًا أن الفجر يولد بعد أشد ساعات الليل حلكة. فلسطين ترى في مولد المصطفى ﷺ وعدًا متجدّدًا، بأن النور مهما طال غيابه سيشرق، وبأن الاحتلال مهما اشتدّ ظلمه، فهو إلى زوال.
كأنك إذا استحضرت ميلاده عليه الصلاة والسلام، تسمعه يواسي أمهات الشهداء في غزة، ويمسح على قلوب اليتامى في القدس، ويشدّ على أيادي المرابطين في الأقصى قائلاً: “أنتم على العهد، وأنتم الامتداد، فاصبروا وصابروا، فإن موعدكم النصر.”
المولد النبوي الشريف ليس زينةً تُعلَّق، ولا احتفالاً يُقام، بل هو ولادة متجددة للأمل في صدور المؤمنين. هو تذكير بأن الرسالة لم تُختم بزمانٍ مضى، بل هي حاضرة في كل موقف صمود، في كل دمعة صلاة، وفي كل حجرٍ يُلقى دفاعًا عن الأقصى.
سلامٌ على من وُلد ليكون رحمةً للعالمين، وسلامٌ على فلسطين التي تتوضأ بدم الشهداء لتبقى عنوان الصمود، وسلامٌ على القلوب التي تستضيء بنوره في زمن الظلمة. فكما أضاء ميلاده فجر الإنسانية، سيضيء صبر فلسطين فجر الحرية، لأن النور لا ينطفئ، ولأن وعد الله حق .
- – د. منى ابو حمدية – أكاديمية وباحثة – فلسطين