
الشيخ رضوان يشهد ليلة دموية وسط صمت العالم ، بقلم : بديعة النعيمي
كانت ليلة أمس ٢/سبتمبر/٢٠٢٥ في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة من الليالي الدموية، حيث قام جيش الاحتلال بإرسال”روبوتات مفخخة” فجرها بين المنازل السكنية، مسببة انفجارات مرعبة واشتعال حرائق هائلة وسط أحياء مكتظة بالنازحين والسكان، ولم تتوقف أصوات الانفجارات ولا ألسنة اللهب، فيما كانت طائرات “الكواد كابتر” تحلق في السماء وتُلقي قنابل حارقة على سيارات الإسعاف وخيام النازحين، ومداخل البيوت والأزقة الضيقة التي يحتمي بها المدنيون.
وقد أعلنت طواقم الدفاع المدني عن عجزها التام عن إخماد الحرائق بمحيط عيادة الشيخ رضوان، بسبب استمرار الاستهداف وخطورة الوصول إلى المناطق المشتعلة، خاصة في ظل التحليق المنخفض للطائرات المسيرة التي لا تترك فسحة لأي نوع من النشاط الإنساني أو الإسعافي.
الروبوتات المفخخة المحملة بأطنان المتفجرات، أسلوب تدميري يستخدمه جيش الاحتلال ويتم التحكم بها عن بعد، تدخل الأزقة الضيقة ويتم تفجيرها وسط البيوت، فتنسفها بمن فيها. والجدير بالذكر أن هذا النوع من السلاح يستخدم للمرة الأولى بهذه الكثافة، وقد صرح مختصون عسكريون وحقوقيون أن هذه الوسيلة تدخل الحرب في مرحلة التصفية الشاملة، وأنها تفجر بطريقة عشوائية دون التمييز بين مدني ومقاتل. غير أن هذا ما يسعى له “نتنياهو” الذي يحركه الشيطان.
ولكن يبدو أن كل المؤشرات على الأرض بما فيها اللجوء إلى استخدام هذه المسيرات، تدل أن الاحتلال يخوض معركته الأخيرة، والشيء الذي بات أكيدا أن دولة الاحتلال تخوض هذه المعركة ليس بدافع “الأمن”، ولكن لسبب آخر لم يعد خافيا على أحد، وهو إزالة معالم الحياة في غزة عن بكرة أبيها.
ولكن هيهات، فغزة بها شعب برغم الجوع والحصار إلا أنه لا يزال يقاوم، ويصمد، ويقاتل من بين الركام، وكل بقعة في غزة باتت خندقا للمواجهة، وكل مواطن مشروع شهيد.
ورغم هول ما يجري، ورغم عجز المنظمات الدولية وتواطؤها، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية وتجييش بعض الأنظمة العربية لصالح الاحتلال، فإن يقين أهلنا في غزة بأن هذه المعركة لن تنتهي إلا بزوال الاحتلال، يزداد مع ازدياد المعاناة والقتل والجوع. أما هذا العدو الذي لا يعرف إلا لغة الدم، ولا يفهم إلا منطق القوة، فهو يعلم علم اليقين أن لا مستقبل له في أرض تنبت فيها المقاومة مع كل ولادة وتلوح بشائر نصرها مع كل فجر.
هذه المعركة، بكل آلامها، ربما تكون بالفعل المعركة الأخيرة، لأن إرادة المقاومة تشتد، وأمل التحرير يقترب، حتى يأتي اليوم الذي ترفع فيه رايات النصر على أسوار القدس، وتعود صيحات الله أكبر من مآذن المسجد الأقصى بعد أن ينجلي الليل الطويل، ويزول معه هذا الكيان الغاصب وداعموه وذيوله إلى غير رجعة، بإذن الله تعالى.