
شرشفٌ لاجئ ، بقلم : قمر عبد الرحمن
شِرْشَفٌ مُمَزَّقٌ فِي زَاوِيَةِ العَالَمِ،
يَحْمِلُ فِي أَحْشَائِهِ المَدُنِ الَّتِي غَابَتْ عَنْ ضَوْئِهَا،
وَالأَطْفَالِ الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا ضَحْكَةً،
وَالسَّمَاءُ الَّتِي نَزَلَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَعُدْ.
صَامِتٌ، لَكِنَّهُ مُدَوٍّ،
يُعْلِنُ بِالأَمَاكِنِ المَهْدَمَةِ،
وَالطُّرُقِ المُوَحِّشَةِ،
وَالوُجُوهِ الَّتِي اخْتَفَتْ خَلْفَ حُدُودٍ لَمْ تُرَسَمْ بَعْدُ.
يَخْتَبِئُ فِيهِ الصَّبْرُ،
وَيَهِيمُ فِيهِ الحَنِينُ،
وَتَتَدَحْرَجُ عَلَيْهِ الذِّكْرَيَاتُ كَمَا لَوْ كَانَتْ حِجَارَةً صَغِيرَةً.
شِرْشَفٌ لاجِئٌ،
لَيْسَ مُجَرَّدَ قَمَاشٍ،
بَلْ جُغْرَافِيَا الأَلَمِ،
وَشَاهِدٌ عَلَى قَهْرِ العَالَمِ،
وَصَمْتٌ هادِرٌ لِمَنْ فَقَدَ القُدْرَةَ عَلَى الكَلاَمِ.
يَحْمِلُ الشِّرْشَفُ فِي طَيَّاتِهِ الأَمَلَ،
أَمَلٌ صَغِيرٌ، هَشٌّ،
لَكِنَّهُ يُضِيءُ بَيْنَ الرُّكَامِ،
وَيَهِزُّ الهَوَاءَ بِهَمْسَةٍ: نَحْنُ هُنَا، مَا زِلْنَا نَنْتَظِرُ،
مَا زِلْنَا نَحْلُمُ،
مَا زِلْنَا نَكْتُبُ حِكَايَاتِنَا بِصَمْتٍ.