
“حِينَ يُغْلَقُ الحَدِيدُ فَمَ الغَدِيرِ” ، بقلم : قمر عبد الرحمن
فِي حَضْنٍ جَافٍ، رَحَلَتْ غَدِيرٌ،
وَعَلَى شَفَاهٍ عَطْشَى أُطْفِئَتْ أَنْفَاسُ رَاسِيلَ.
لَمْ يَكُنِ المَوْتُ قَدَرًا بَرِيئًا،
بَلْ قَرَارًا مُحْكَمَ الإِغْلَاقِ،
بَابًا صَدِئًا أَغْلَقَهُ الحَدِيدُ عَلَى حَلِيبٍ بَسِيطٍ،
عَلَى فُتَاتِ الحَيَاةِ.
تَجْوِيعٌ يُدَارُ كَمَا تُدَارُ الحُرُوبُ،
بِهُدُوءٍ بَارِدٍ، وَبِحِسَابٍ بَطِيءٍ،
لا يَحْتَاجُ رَصَاصَةً،
يَكْفِي أَنْ يَحْجُبَ قَارُورَةَ حَلِيبٍ
عَنْ طِفْلٍ يَصْرُخُ،
حَتَّى يَتَحَوَّلَ الصُّرَاخُ إِلَى صَمْتٍ أَبَدِيٍّ.
أَيُّهَا العَالَمُ،
أَتَعْرِفُ مَا مَعْنَى أَنْ يَمُوتَ الرَّضِيعُ جَائِعًا؟
أَنْ يُمْحَى اسْمُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَ النُّطْقَ؟
أَنْ يُخْتَصَرَ تَارِيخُ مَدِينَةٍ كَامِلَةٍ
فِي دَمْعَةِ أُمٍّ،
وَفِي حَضْنٍ فَارِغٍ؟
غَزَّةُ لَا تَنْزِفُ دَمًا فَقَطْ،
غَزَّةُ تُجَوَّعُ،
تُخْتَبَرُ قُدْرَتُهَا عَلَى التَّنَفُّسِ بِلَا هَوَاءٍ،
وَعَلَى إِرْضَاعِ أَطْفَالِهَا بِلَا لَبَنٍ.
قمر عبد الرحمن
“مرثية للطفلتين غدير بريكة وراسيل أبو مسعود، اللتين رحلتا من حضن غزة بسبب الجوع وسوء التغذية، فيما يواجه العديد غيرهما المصير نفسه”