
فلسطين ، كينونة تتنفس الحرية ، وجذور لا تُقتلع ، بقلم : ثروت زيد الكيلاني
فلسطينُ ليستْ حلماً مؤجلاً، ولا خريطةً تُقصُّ بمعايير الغاصب، هي كينونةٌ تنبضُ في عروقِ التراب، وسِفرٌ مكتوبٌ بدمٍ لا يجفّ، ذاكرةٌ تُقيمُ في الحجارة كما تُقيمُ في الصدور، تشمّ رائحة المطر قبل أن يهطل، وتعدّ النجوم قبل أن يُزيّفها الغزاة.
نراها دولةً كاملة السيادة، كاملة الإرادة، لا يُنتزع منها القرار، ولا يُمس فيها الجوهر. سيادتُها من جذور الزيتون التي تخترق الصخر، وعنفوانها من مياه الينابيع التي ترفض أن تُسلب، وإرادتها من القمح، حين يصرّ على النهوض في الحقول، وعدلها من عيون الأمهات على أبواب الغياب، ومن صرخات الأطفال حين يصرخون باسم الحياة.
ولن يرضى المستعمر عنّا، لأننا اخترنا أن نحيا
على مقاس حريتنا، لا على مقاس سجّاننا، ولأن الحق إذا تجذّر صار عصياً على الاقتلاع. فالنخلة لا تسقط حيث رويت جذورها بالحرية، والريح مهما عبثت، لا تمحو صدى الأجداد، ولا تغيّر مسار دمٍ روي في كل حجر وشارع وأفق.
فلسطين، وطن النور والخطر، تحتضن الماضي والحلم معاً، تكتب صمودها كل يوم على صفحة الحياة، وتعلّم الأجيال أن الأرض ليست ملكاً، بل كيانٌ يتنفس الحرية، ويعلن: لن نرضى إلا بأن نكون نحن، كاملة السيادة، كاملة الإرادة، لا منتزعة القرار، ولا محكومة إلا بضمائرنا وذاكرتنا