شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
من ديوان مقاوم خاص (10) حلم إسرائيل الكبرى … نباحٌ في جنازة التاريخ ، بقلم : وليد العريض
في لحظةٍ مشحونة بالوهم عاد الجنرال المتقاعد أشكوئيل بوشكاش ليصرخ في وجوه الإسرائيليين معلنًا حلم إسرائيل الكبرى الممتد من النيل إلى الفرات. خطابٌ يذكّر بنُدب الشيوخ أكثر مما يذكّر بخطط القادة وصرخةٌ تُشبه العزاء أكثر مما تُشبه الوعد. بدا المشهد كأنه محاولة يائسة لنفخ الروح في جثة أو تعليق الأمل على وهمٍ أكبر من الجغرافيا والواقع.
لكن الحقيقة أوضح من كل ضجيج: النار التي أُطلقت على غزة ستكوي الجميع، لا الصهاينة وحدهم. كل من صمت أو تواطأ سيجد نفسه في قلب اللهيب، لأن الحروب الكبرى لا تُبقي حيادًا ولأن المقاومة حين تُفتح أبوابها تصبح قدرًا عامًا لا خيارًا فرديًا.
أما إسرائيل التي لم تستطع حماية نفسها في 22 ألف كيلومتر مربع لا يتجاوز سكانها سبعة ملايين من الصهاينة، فكيف ستبقى آمنة في مساحة تزيد على أكثر من مليوني كيلومتر مربع يقطنها أكثر من 200 مليون عربي ومسلم؟ هذا ليس حلمًا سياسيًا، بل وصفة مؤكدة للانتحار الجغرافي والديموغرافي.
وما معنى التوسع أصلًا؟ أن تصبح إسرائيل على تماس مباشر مع دول مقاومة جديدة في اسيا و أفريقيا. أي عقل يظن أن دولةً مأزومة في الداخل قادرة على فتح هذه الجبهات كلها دفعة واحدة؟ الحقيقة أنها لا تتوسع نحو المجد، بل نحو مقبرة أكبر.
أما العالم، فلن يغامر بمصالحه مع العرب والمسلمين من أجل نزوة صهيونية. أوروبا التي تبدو اليوم خاضعة تعرف أنّها لا تستطيع أن تظل رهينة الابتزاز طويلًا، وأمريكا تعرف أنّ إسرائيل عبء متضخم. هذه المغامرة، لو حصلت، ستكشف للعالم أنّ إسرائيل ليست حليفًا مضمونًا بل قنبلة موقوتة.
الصهيونية اليوم ليست سوى نباح كلاب ضالة، أكثر من كونها مشروعًا قادرًا على الاستمرار. الدولة تهتزّ من الداخل سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ونتنياهو مهما طال حكمه لا يقود سوى موكب جنازة. كل ما يُقال عن إسرائيل الكبرى لا يتجاوز كونه مرثية مبكرة، تُكتب بمداد الضعف والخوف والانهيار.
فهل يفعلها الصهاينة؟ قد يفعلون، فهم بارعون في المقامرة.
وهل يصمت العرب؟ قد يصمتون حتى تصل النار إلى بيوتهم، لكن حين تصل سيكتشفون أنّهم أمام خيار البقاء أو الفناء.
إن الحلم من النيل إلى الفرات سيبقى شعارًا على الورق، أما على الأرض، فلن يكون إلا جنازة التاريخ التي تمشي بأقدام إسرائيل نفسها.
