
ألوان الشهادة حين تصير غزة لوحة من دم ونور ، بقلم : د. وليد العريض
لوحة الفنان محمد الدغليس
إلى أرواح الشهداء في غزة
حين تضيق اللغة وتتعثر الحروف تنهض الألوان لتقول ما تعجز عنه الأفواه. هذه اللوحة ليست طلاءً على قماش بل نبضٌ صاعد من بين الركام وابتسامة وداع معلّقة في الهواء وسماء فُتحت لتستقبل أحبابها. هنا يلتقي الأحمر بحرارة القلوب والأسود بصلابة الصمود والأخضر بعهود الأرض والأبيض بنقاء الأرواح وكأن غزة تهمس للعالم: حتى في موتي أزرع الحياة وألوّنها بالكرامة.
ألوان الشهادة
في سماء غزة
تفجّرت شمسٌ حمراء
لم تكن غروبًا
بل كانت قلوبًا ترتفع في غيمة من دمٍ طاهر
تحمل أسماءً لم تُكتب على الورق
بل على جدران البيوت المهدّمة
وفي ذاكرة الريح.
الأسود في اللوحة ليس ظلًّا
إنه وقوفهم
بأجسادٍ ما زالت مشتعلة بالحياة
حتى بعد أن توقفت قلوبهم عن النبض.
يمدّون أذرعهم نحو السماء
كما يمدّ الطفل يديه إلى أمه
ويقولون بصوتٍ أعلى من المدافع:
ها نحن هنا لم ننكسر.
الأرض تحت أقدامهم ليست ترابًا فحسب
إنها حضنٌ من قمحٍ أخضر
يعرف أن الدم هو المطر الحقيقي.
والأبيض آه يا بياض غزة
ليس فراغًا على قماش
بل كفنٌ من نور
يحملهم إلى جنةٍ
تفوح منها رائحة البحر والخبز والزعتر.
يا لوحتهم
كيف جعلتِ الموتَ أجملَ من الحياة؟
وكيف علّمتِنا أن الألوان
حين تختلط بالدم
تصير نشيدًا خالدًا
ويصير الشهيد لوحةً لا تموت.
إهداء:
إلى كل روح صعدت من غزة
إلى كل اسمٍ حُفر في الذاكرة
إلى الذين رحلوا ليبقى الوطن