2:22 مساءً / 10 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

قراءة في نص أعرفُ أن الشعرَ لا يُغيّر العالم، .. للشاعر إياد شماسنة ، بقلم: رانية مرجية

قراءة في نص أعرفُ أن الشعرَ لا يُغيّر العالم، .. للشاعر إياد شماسنة ، بقلم: رانية مرجية

“أعرفُ أن الشعرَ لا يُغيّر العالم،
لكنّه يغيّرُ من يجرؤ على قراءته؛
وأنا أوّلُ القارئين.
أعلّمُ حبري الرقص،
كي لا يشيخ،
وأحذرُ من القصائدِ
التي تبتسمُ أكثر من اللازم؛
لأن الفرحَ الزائد قناعٌ للفراغ.”
ــ إياد شماسنة

في هذه السطور الوجيزة، يلخّص إياد شماسنة فلسفة الشعر المعاصر في زمن امتلأ بالضجيج وفقد كثيرًا من المعنى. منذ الجملة الأولى، يختار الشاعر أن يواجه أسطورة قديمة تقول إن الشعر قادر على تغيير العالم، ليقدّم اعترافًا شفافًا: “أعرف أن الشعر لا يغيّر العالم، لكنه يغيّر من يجرؤ على قراءته”.


هذا التغيير ليس سياسيًا أو اجتماعيًا مباشرًا، بل هو تغيير داخلي، يمسّ البنية الخفية للوعي، ويعيد ترتيب أحاسيس القارئ، ليصبح أكثر حساسية وعمقًا تجاه ذاته والآخرين.

حين يقول: “وأنا أوّل القارئين”، يضع نفسه في قلب دائرة التأثير الأولى. فالكاتب الصادق هو أوّل من يتأثر بما كتب، وأول من يتغير على ضوء كلماته. الكتابة هنا تصبح طقس اعتراف ومواجهة مع النفس، قبل أن تتحول إلى خطاب موجّه للعالم.

أما الجملة: “أعلّم حبري الرقص، كي لا يشيخ”، فهي مفتاح فلسفي بالغ الأهمية. الحبر، في رمزية الكتابة، هو وعاء الفكر والروح، وإذا ظل ساكنًا ومكررًا شاخ وفقد نبضه. الرقص هنا فعل حرية، انفلات من القيود، وتذكير بأن الإبداع لا يتغذى على الجمود، بل على الحركة والتجدّد. إن تعليم الحبر الرقص هو تعليم النص أن يرفض الرتابة، وأن يظل في حالة اكتشاف دائم.

ويأتي التحذير في نهاية النص: “أحذر من القصائد التي تبتسم أكثر من اللازم؛ لأن الفرح الزائد قناعٌ للفراغ”. إنها ومضة نقدية موجهة للكتابة المزيّنة بضحكات مصطنعة، تخفي هشاشة داخلية وغياب المعنى. هنا يتجلى وعي الشاعر بأن الشعر الحقيقي لا يخشى الحزن ولا يبالغ في الفرح؛ لأنه يبحث عن الصدق، والصدق وحده قادر على منح النص حياة طويلة.

فلسفيًا، يمكن القول إن شماسنة يقدّم الشعر بوصفه رقصًا على حافة المعنى؛ رقصة تحافظ على حيوية الروح وتمنع الشيخوخة المبكرة للنصوص. أما التحذير من الابتسامات الزائدة، فهو دفاع عن الجوهر ضد الزينة الفارغة.

هكذا، يصبح الشعر – في رؤيته – مقاومة صامتة، ومجالًا لتجديد الذات، وأداة لكشف الأقنعة التي يفرضها علينا زمن السرعة والاستهلاك. إنه لا يغيّر العالم بضربة واحدة، لكنه يزرع بذرة التغيير في قلب قارئ شجاع… ومن تلك البذرة، قد ينبت عالم مختلف.

شاهد أيضاً

سلطة الطاقة تطلق مشاريع استراتيجية لتعزيز قطاع الكهرباء في محافظة الخليل

سلطة الطاقة تطلق مشاريع استراتيجية لتعزيز قطاع الكهرباء في محافظة الخليل

شفا – أعلن رئيس سلطة الطاقة والموارد الطبيعية، المهندس أيمن إسماعيل، اليوم الأحد، إطلاق مجموعة …