12:17 صباحًا / 6 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

قراءة وجدانية في نص ”هذا دمي يُحاصركم“ ، بقلم : بقلم : رانية مرجية

قراءة وجدانية في نص “هذا دمي يُحاصركم” ، بقلم : بقلم : رانية مرجية

حين يكتب الدكتور عبدالرحيم جاموس،


فهو لا يكتب بالحبر،
بل بالحُنجرة، بالسكين، وبالحجارة التي ما عادت تحتاج يداً كي تُقذف.
إنّه لا يكتب نصاً… بل يسكبُ دماً فلسطينياً طازجاً، يقطرُ وجعًا وكرامة،
ويقول لنا بوضوح:
أن تكون فلسطينيًا، يعني أن تُحاصر قاتلك بذات الدم الذي أرادك أن تنزفه صامتًا.

في نصه “هذا دمي يُحاصركم”، لا يتوسل الشاعر، لا ينادي العالم، ولا ينتظر مائدة حقوق.
هو يواجه، يحاصر، يهاجم، يطارد، يبعث الدم صوتًا، والصوت نارًا، والكلمات قنابل روحية لا تنضب.

صوت البحر… لا يهدأ

“صوتي هذا… هادرٌ كموج البحر…”

الصوت في هذا النص ليس صدى، بل تجسيد لحضور تاريخي دائم،
هو صرخة الأنبياء من ترابهم،
هو كل شهيد يعود بلا جسد،
ليقول للعدو:
“أنا هنا،
ما زلت أُطاردك… حتى بعد موتي.”

إنه صوت لا يطلب الحوار، بل يفرض المواجهة.
صوت يتسلّل من المسامات، يعري الصمت العربي،
ويهدم جدران البلادة العالمية.
هو ليس صوت شاعر فحسب،
بل صوت قضية تعبت من المفاوضات.

جغرافيا الجرح

“من رفح حتى الجليل… من القدس عاصمةً لي… إلى حيفا ويافا واللد وعكا…”

في كل بيت من النص، ترتسم خارطة دم،
لا كما يرسمها المفاوضون،
بل كما رسمتها الأمهات بدموعهن،
والشهداء بخطواتهم،
والأسرى بأظافرهم على جدران الزنازين.

إنها فلسطين الكاملة،
لا المُجزأة على موائد السياسة،
بل فلسطين الروح التي تعرف كل حجارتها،
وتعرف من خانها، ومن ارتجف أمامها.

لا مفرّ من هذا الدم

“هذا دمي يُحاصركم… يطاردكم…”

الدم في هذا النص لا يُراق، بل يُطارِد.
هو ليس ضعفًا، بل أداة ملاحقة…
رمزٌ للمواجهة، واستعادةُ للكرامة.
هذا الدم ليس مادةً عضوية،
بل وعيٌ متقدٌ، وحقٌّ لا يسقط مهما حاول العالم دفنه.

إنّه دم الذاكرة،
الذي يرفض النسيان.
دم العائدين من النكبة، الذين لم يوقّعوا على الغفران،
ولا كتبوا تعهّدات صمت.

تساؤلات المرارة والخذلان

“ماذا أقولُ لقلوبٍ قستْ وغوَتْ… لضمائر غابت وانزوت… لعقول فسدت وخوت…”

وهنا، يبلغ النص ذروته الفلسفية،
حين يتحوّل من مطاردة العدو الخارجي، إلى محاكمة داخلية
لمن خذلوا، خانوا، أو تواطأوا بالصمت.

أسئلة تتوالد، تنهمر، ولا تجد إجابة،
لأنّ الخذلان لا يُفسَّر، بل يُطرد من التاريخ.

الخاتمة: دمٌ لا ينسى

“لكني أقول: هذا صوتي… هذا دمي يُحاصركم…”

وفي هذا التكرار، تتجدد النبوءة.
هو لا يصرخ عبثًا،
بل يرسم قدرًا لا مفر منه:
أنَّ فلسطين لا تموت،
وأنَّ هذا الدم الفلسطيني الذي حاولوا طمسه،
هو ذاته الذي سيكتب التحرير والقيامة… بمداد لا يجف.

خاتمة القراءة:

في زمن تعفّنت فيه اللغة، وتحوّلت فيه القصائد إلى ديكور ثقافي،
يأتينا الدكتور عبدالرحيم جاموس بنصّه هذا كـ بيان وجدانيّ مقاوم،
يثبت أن الشعر الفلسطيني ما زال سيفًا،
وأن الحروف حين تُصاغ بالدم،
تصير أشدّ فتكًا من البنادق.

نصٌ لا يكتبه إلا من سكنته فلسطين،
لا كمكانٍ فحسب،
بل كعقيدة وجودٍ لا تفاوض فيها.
أنا

شاهد أيضاً

رئيس ديوان الجريدة الرسمية يلتقي مدير جامعة فلسطين التقنية – خضوري (فرع رام الله)

رئيس ديوان الجريدة الرسمية يلتقي مدير جامعة فلسطين التقنية – خضوري (فرع رام الله)

شفا – استقبلت المستشار ريم أبو الرب، رئيس ديوان الجريدة الرسمية، اليوم الثلاثاء في مقر …