
“غازي حمد” وتاريخ الاعتراف بفلسطين: تصحيح للمغالطة ، بقلم : الصحفي سامح الجدي
في خضم النقاشات الدائرة حول القضية الفلسطينية، يبرز أحيانًا تصريحات قد تفتقر إلى الدقة التاريخية أو المعلوماتية. أحد هذه التصريحات جاء على لسان القيادي في حركة حماس، غازي حمد، الذي تساءل باستنكار: “هل تجرأت أي دولة أن تعترف بفلسطين قبل السابع من أكتوبر؟”. هذا التساؤل، للأسف، ينم عن مغالطة واضحة تتجاهل واقعًا راسخًا وموثقًا في العلاقات الدولية.
الحقيقة الجلية التي يبدو أن السيد حمد غافل عنها هي أن عددًا هائلاً من الدول قد اعترف بدولة فلسطين قبل السابع من أكتوبر 2023 بكثير. فمن أصل 195 دولة في العالم، هناك ما يقرب من 150 دولة اعترفت رسمياً بدولة فلسطين قبل التاريخ الذي أشار إليه. هذا العدد ليس بالهين، بل يمثل أغلبية ساحقة من دول العالم، مما يؤكد على أن الاعتراف بفلسطين ليس “جرأة” حديثة أو مرتبطة بأحداث معينة، بل هو مسار دبلوماسي طويل الأمد ونتيجة لمجهودات فلسطينية وعربية ودولية متواصلة.
إن الاعتراف بدولة فلسطين ليس مجرد لفتة رمزية، بل هو تأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أرضه المحتلة. بدأ هذا الاعتراف يتجلى بوضوح منذ إعلان الاستقلال الفلسطيني في عام 1988، وتوالت الاعترافات تباعًا من دول في مختلف القارات، بما في ذلك دول من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا.
المفارقة هنا تكمن في أن هذا التصريح، الذي يحاول الإيحاء بأن الاعتراف بفلسطين هو أمر نادر أو مستجد بعد أحداث معينة، يقلل من حجم الإنجاز الدبلوماسي الفلسطيني الكبير على مدى عقود. كما أنه يتجاهل دعمًا دوليًا واسع النطاق للقضية الفلسطينية، والذي تجلى في العديد من القرارات الأممية والمواقف الدبلوماسية التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني.
إن المعلومات الدقيقة والوعي التاريخي أمران حاسمان في أي نقاش حول القضايا المعقدة، وخاصة القضية الفلسطينية. فالتصريحات التي تفتقر إلى الدقة لا تخدم القضية، بل قد تشوه الحقائق وتضلل الرأي العام. يجب على الجميع، سواء كانوا سياسيين أو محللين، أن يستندوا إلى معلومات موثوقة ومحققة عند تناول مثل هذه الموضوعات الحساسة.
ختامًا، فليعلم السيد غازي حمد ومن يشكك في مدى الاعتراف الدولي بفلسطين، أن التاريخ يشهد على أن فلسطين معترف بها كدولة من قبل الغالبية العظمى من دول العالم قبل السابع من أكتوبر بوقت طويل جدًا. هذا الاعتراف هو دليل على عدالة القضية الفلسطينية وشرعيتها في أعين المجتمع الدولي.