4:47 مساءً / 3 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

حين رفعت سيدني الراية وسقطت كثيرٌ من العواصم العريقة ! بقلم : د. وليد العريض

حين رفعت سيدني الراية وسقطت كثيرٌ من العواصم العريقة ! بقلم : د. وليد العريض

حين رفعت سيدني الراية وسقطت كثيرٌ من العواصم العريقة! بقلم: د. وليد العريض

فجأة ظهر جسر الحديد في الطرف الآخر من الكوكب، لا ليصل بين ضفّتين، بل ليفضح ما بيننا وبين الرجولة.

جسر لم تحرسه فرقة مشاة ولا ظلّت عليه قصائد الفداء، بل امتلأ بشعبٍ جاء من كل فجٍّ بعيد، يهتف باسمٍ عربيٍّ أكثر من العرب أنفسهم ويضع صورة “المجرم” على اليافطات، بينما في بلاد القصور البيضاء يُجرَّم من ينطق بكلمة احتلال.

يا للعجب…


أناسٌ لا يعرفون الفرق بين الكُشري والمقلوبة ولا يميزون بين الكوفية والنقاب، لكنهم يعرفون يقينًا أن ما يحدث في الأرض المحروقة ليس دفاعًا عن النفس، بل مجزرة موثّقة بعلامة تجارية صهيونية.

وحين نطق الغريب سكت القريب!

كم هو مُحرج – حدّ التقيّؤ – أن ترى فتاةً شقراء من أقاصي الجنوب تُلوّح بعلم فلسطين، بينما حفيد عبد القادر يهمس: دعونا لا نُحرج شركاء السلام!

كم هو مثيرٌ للغثيان أن يرفع شابٌّ بربري الملامح لافتة كتب عليها:


هذا المحتل… مطلوب للعدالة
بينما في ممالكنا المزدهرة تُمنح له الأوسمة الذهبية مع باقة فلّ.
غزّة لا تريد منكم سيوفًا، بل قليلًا من الحياء

غزة التي تُقصف كل خمس دقائق وتُحاصر منذ كانت أنتم في حفاضات النفط، لا تطلب منكم إلا شيئًا واحدًا:
أن تتوقفوا عن تقبيل يد القاتل علنًا ثم تذرفوا دموع التضامن في السرّ!

غزة لا تحتاج جيوشكم، لأن الجيوش أصبحت فرق استعراض للعرضات والمهرجانات.
ولا تطلب منكم طائرات، لأن طائراتكم مشغولة في تصوير الأغاني الوطنية من فوق.
ولا تسألكم أن تموتوا معها، بل فقط:


أن تكفّوا عن تقبيل يد الذي يقتلها.
يا أنظمة البلاغة والبيانات
رأيناكم عُزّلًا من كل شيء إلا العار!
في أقاصي الأرض خرج الغرباء يهتفون باسمها
أما أنتم فانشغلتم بـضبط النفس، إتاحة الممرّات، وعدم الانحياز.


شعوبكم وحدها خرجت، لكنها عارية من القرار عزلاء من الموقف، لا تملك إلا حنجرة ودمعة وعلبة بخاخ ضد الغازات.

أما أنتم فمشغولون بتعديل نشيد الوطن ليصبح صالحًا للمهرجانات الدولية.


من على جسرٍ لا يعرف الكنافة ولا صوت الأذان انطلقت صرخة الشرف!
العار كلّه ليس أن تهاجمنا آلات الموت، بل أن يصبح الخجل عادة نادرة في خطابكم الرسمي.
العار أن يتعلّم طفلٌ من جزيرةٍ بعيدة معنى الاحتلال، بينما وزاراتكم لا تزال تدرّس أن الصهيونية وجهة نظر.
أهل الجسر رفعوا علمًا لا علاقة له بتاريخهم، لأنهم اكتشفوا أن الجريمة لا تحتاج جنسية لفهمها، بينما أنتم تحتاجون إذنًا دوليًا لتفتحوا فمكم!

غزة الرسالة الأخيرة إلى من تبقّى له قلب:

كفّوا عن بيع الخذلان في علب التوابل.
لا نحتاجكم في الميدان، فقط امنعوا قاتلنا من الشرب من آباركم.
لا نريد سيوفكم، فقط اسحبوا مقاعد سفرائكم من تحت طاولات الدم.
ولا تطلبوا منا الصبر، فقد صبرنا عليكم أكثر مما صبرنا على الطائرات.
وختاما إلى حضرة السادة الذين لا يحبّون الإحراج
جسرٌ في أقصى الأرض نطق فمتى تنطقون؟
غزّة تحت القصف، بينما أنتم تحت التكييف.
غزّة تنجب الشهداء وأنتم تنجبون بيانات القلق.
غزة تصرخ وأنتم تهمسون:
الموضوع معقّد!


لا، ليس معقّدًا أنتم المعقَّدون لأن ذاكرتكم مثقوبة وشهامتكم مؤجّلة وعروبتكم موسمية.
افتحوا أعينكم لقد سقط القناع، وسقطت معه كثير من الكرامات المُعلّبة.

  • – د. وليد العريض – مؤرخ، أديب، شاعر وكاتب صحفي .


أغسطس 2025

شاهد أيضاً

جبهة النضال الشعبي تدين تصاعد اعتداءات المستوطنين وتدعو لمحاسبتهم كمجرمي حرب

شفا – أدان محمد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، تصاعد اعتداءات المستوطنين …