1:47 مساءً / 3 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

القبلةُ التي تُصلب كلّ صباح ، بقلم : ثروت زيد الكيلاني

القبلةُ التي تُصلب كلّ صباح ، بقلم : ثروت زيد الكيلاني

في صباحِ اليومِ الألف، دخَلوا كما يدخلُ الغبارُ إلى الرئاتِ المنهكة، تحت ظلِّ المرافعاتِ الدولية، ونوافذِ المراقبةِ العمياءِ… داسوا القِبلةَ الأولى كأنَّها بلا قلب، كأنّها بلا دعاءٍ قديمٍ أو وصيّةِ نبيّ.

الأقصى ليسَ حجراً ولا معلماً سياحياً، بل رجفةُ الوحيِ الأولى، موضعُ القدمِ السماويّةِ، حين عرجَ النورُ من قلبِه إلى قلبِ السمواتْ، فكيف يُدنّسُ الآن ولا ترجفُ السمواتُ؟!

وتحته تتشظّى الجغرافيا، وتذوبُ الخرائطُ، في فمِ اللّغةِ المرتجفةِ من فرطِ البلاغةِ العاجزة، بينما الجنودُ، يحملونَ أساطيرَهم المزيّفة، ويُصلّبونَ الزمانَ على حيطانِ التوراةِ الملفّقةْ.

من محيطِ الرملِ إلى ضفافِ الوجعِ الأزرق، تصطفُّ العواصمُ كعرائسِ الشمعِ في vitrines الأممِ، تصفّقُ للبياناتِ، وتتلو آياتِ الحكمةِ الدبلوماسية، فيما البنادقُ، ترتِّلُ توراةَ القتلِ داخلَ المسجد.

أمّةٌ تحوّلتْ إلى نشرةٍ جوية، تخافُ الغيومَ ولا تُمسكُ المطر، تربّي الهزيمةَ كطائرٍ أليف، وتضعُ المفاتيحَ على الجدرانِ للذكرى، لا للعودة.

والمآذنُ؟ تنادي كما تنادي الأرواحُ في المقابر، والأطفالُ؟ يرسمون القدسَ بالحبرِ والدم، ولا يصلُ صدى نحيبهم إلى مكاتبِ المنظماتِ الناعسة.

لكنَّ القدس لا تُصلَبُ مرتين، وفي قلبِ الركام، ينبتُ الدعاءُ كالسنديان، وفي ظلالِ القهر تُشحَذ الذاكرةُ كأنها سيفٌ من نورْ.

لن تبقى القِبلةُ الأولى يتيمة، ولن تُختَزَلَ إلى مشهدٍ أرشيفيٍّ في وثائقِ الأممِ، فثمّة نبضٌ لا يزالُ صامداً، وثمّة يدٌ صغيرةٌ تُخبّئُ جمرةَ القدس، أصدقَ من ألفِ قمة، وأوفى من عشرين توقيعاً على هدنةٍ بلا كرامة.

وسيسأل التاريخُ كلَّ عاصمةٍ عن صوتها، وكلَّ عقلٍ عن صمته، وكلَّ قلبٍ عن انحرافِ قُبلته.

شاهد أيضاً

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني ينفذ مساره الثقافي الأول (على أطلال غزة)

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني ينفذ مساره الثقافي الأول (على أطلال غزة)

شفا – بصحبة رئيس ملتقى العلاقات العامة الفلسطيني المهندسة آلاء زلوم نفّذ نادي أحباب اللغة …