2:13 مساءً / 3 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

نزع سلاح حماس ، خطوة نحو الدولة الفلسطينية ، بقلم : علاء عاشور

نزع سلاح حماس… خطوة نحو الدولة الفلسطينية ، بقلم : علاء عاشور

في تصريح لافت، أعلن وزير الخارجية المصري أن نزع سلاح حركة حماس قد يكون مفتاحًا لقيام الدولة الفلسطينية، في إطار مساعٍ عربية جادة لتجسيد حل الدولتين. يأتي هذا الموقف في ظل زخم سياسي دولي متجدد، على ضوء مقررات مؤتمر نيويورك حول حل الدولتين، والإعتراف المرتقب من فرنسا وبريطانيا بالدولة الفلسطينية.

إن هذا الطرح يشكّل ورقة سياسية عربية قوية، ويعكس إدراكًا متزايدًا بأن المعركة لم تعد محصورة في ميدان السلاح، بل في ميدان الشرعية الدولية وبناء المؤسسات الوطنية. فالعالم اليوم أكثر استعدادًا للتجاوب مع مبادرات جريئة، شريطة أن تترافق مع خطوات عملية تضمن الأمن والاستقرار، وتفتح الطريق أمام مفاوضات حاسمة.

إن أرواح المدنيين في غزة أغلى من أي حسابات سياسية أو شعارات أيديولوجية. وإذا كان نزع السلاح خطوة واقعية لحماية دماء الأبرياء، فإن حماس مطالبة بإظهار شجاعة سياسية، والتحرر من التمترس وراء الشعارات الحديدية التي أثبتت التجارب أنها، مهما كانت بليغة، لا تبني دولة ولا تحمي شعبًا على المدى البعيد.

اللحظة التاريخية تفرض واقعية سياسية توازن بين الثوابت الوطنية ومقتضيات المرحلة، وتستثمر الدعم العربي والدولي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فالتاريخ لن يرحم من يضيّع الفرص، كما أن الأجيال القادمة تستحق أن ترى حلم الدولة يتحقق، لا أن تبقى رهينة دوامة الصراع المسلح.


حتى لو كان نزع السلاح في أفق سياسي غير مكتمل الملامح أو غامض النتائج، فإن الواجب الأخلاقي والوطني يحتم على حماس أن تبدي مرونة سياسية، وأن تقدم مصلحة الإنسان الفلسطيني – وخاصة الطفل والمرأة في غزة – على أي اعتبارات أخرى. فالمرونة ليست تنازلاً عن الحقوق، بل أداة سياسية لإنقاذ الأرواح وفتح نوافذ جديدة نحو مستقبل أفضل.

إن هذا الموقف لا يصدر عن عداء لحماس أو استهداف لوجودها السياسي، بل عن قناعة راسخة بأن الحفاظ على حياة المدنيين أولوية قصوى، وأن دم الطفل الفلسطيني المشرد في الشوارع أغلى من أي سلاح أو موقع. فالمقاومة لا تُقاس فقط بالبندقية، بل بقدرة القيادة على اتخاذ قرارات شجاعة تحفظ بقاء الشعب وتصون كرامته.

إن الأوضاع الراهنة تتطلب قراءة جديدة للواقع، تُدرك أن المصلحة الوطنية تقتضي أحيانًا خطوات مؤلمة لكنها ضرورية، وأن الاستثمار في الحلول السياسية قد يكون المعركة الأهم في هذه المرحلة. فالتاريخ لا يذكر فقط من أطلق الرصاص، بل من امتلك الحكمة في لحظات المصير.


إن دور منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها السياسي يمثلان الركيزة الأساسية لأي جهد جاد لإقامة الدولة الفلسطينية. فلا يمكن الحديث عن مشروع وطني متماسك من دون مؤسسة شرعية تحمل إرث النضال الفلسطيني وتلتزم بالعمل وفق إطار سياسي واضح. وفي هذا السياق، باتت الإصلاحات العميقة في البنية السياسية الفلسطينية مطلبًا دوليًا وشعبيًا على حد سواء، من أجل تأسيس حكم رشيد يقوده من يمتلك الشرعية الدستورية والشعبية، قادر على إخراج شعبنا من محنته.

هذه الإصلاحات لا تعني إقصاء أحد، حتى حماس، لكن الانخراط في المشروع الوطني يتطلب الالتزام الصريح بالخط السياسي لمنظمة التحرير، واحترام الاتفاقات الدولية وما يترتب عليها من التزامات. فالدبلوماسية هي السبيل الأنجع لانتشال شعبنا من نكبته ومآسيه، وهي الأداة التي باتت الدول العربية – وفي مقدمتها مصر والسعودية ودول الخليج – تراهن عليها لتحقيق تقدم ملموس في مسار إقامة الدولة.

إن الدعوات العربية لحماس بنزع سلاحها تنطلق من رؤية أوسع ترى في الحل السياسي عبر القوة الناعمة الطريق الأقرب لتحقيق الأهداف الوطنية، خاصة في ظل نشاط دبلوماسي عربي مكثف. صحيح أن الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على غزة عقب أحداث السابع من أكتوبر أعادت القضية الفلسطينية بقوة إلى واجهة الاهتمام الدولي، لكنها في الوقت نفسه خلّفت دمارًا وتشريدًا وسفك دماء على نطاق لا يمكن احتماله.

وإذ لا يمكن التراجع عن الماضي، فإن مسؤوليتنا اليوم هي أن نحسن لعب أوراقنا السياسية، مستندين إلى الدبلوماسية الدولية والقرار العربي الموحد، من أجل بلوغ الحلم الفلسطيني: دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، دولة تنهي معاناة شعبنا وتفتح له أفقًا جديدًا للحرية والكرامة.

شاهد أيضاً

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني ينفذ مساره الثقافي الأول (على أطلال غزة)

نادي أحباب اللغة العربية الفلسطيني ينفذ مساره الثقافي الأول (على أطلال غزة)

شفا – بصحبة رئيس ملتقى العلاقات العامة الفلسطيني المهندسة آلاء زلوم نفّذ نادي أحباب اللغة …