12:37 مساءً / 1 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

فتاوى العمائم الإسفنجية ، من بناه؟ آدم؟ يعقوب ؟ أم شيخ تيك توك؟! (عن تاريخٍ يُذبح بلحية … ويُدافع عنه مؤرخ ) بقلم : د. وليد العريض

فتاوى العمائم الإسفنجية: من بناه؟ آدم ؟ يعقوب ؟ أم شيخ تيك توك؟! (عن تاريخٍ يُذبح بلحية… ويُدافع عنه مؤرخ) بقلم : د. وليد العريض

في زمن المفارقة


يُسأل المؤرخ عن المسجد الأقصى فيُتهم بأنه “يتدخل في غير تخصصه”،
ويُسأل من لم يقرأ كتابًا في التاريخ أو الأركيولوجيا فيقول بثقة: آدم بناه


وآخر يرفع حاجبه الورع قائلًا: لا يعلم من بناه إلا الله


وثالث – وهو شيخ شهير من كلية محاسبة – يؤكد أنه سليمان لأنه قرأها في الهامش!

هذه ليست نكتة، بل فتاوى حيّة شاهدها الناس على يوتيوب بصوت مشايخ من أمثال محمد حسان وعثمان الخميس وغيرهم، يفتون في الأركيولوجيا كما لو كانت فرعًا من فقه الطهارة.

عن أي قدسية نتحدث؟


المسجد الأقصى في العقيدة الإسلامية ليس قدسيًا لأنه بُني بيد “آدم” أو “سليمان”، بل لأنه:
القبلة الأولى،


موقع المعراج ومعراج المعنى،

موضع اجتماع الأنبياء وصلاتهم خلف خاتمهم، صلى الله عليه وسلم

لأن الله بارك حوله، لا لأن الحاخامات أو شيوخ تيك توك باركوا أساساته.

“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى…”
قالها القرآن ولم يحدّد من بناه، لأن البناء هنا ليس حجارة، بل مكانة وليس ترابًا، بل سُلَّمًا بين الأرض والسماء.

لكن، فلنتكلم عن الحجارة وعن الحفريات!

منذ احتلال القدس عام 1967، جنّد الصهاينة أكثر من 100 بعثة أثرية وفتحوا أنفاقًا عميقة تحت المسجد الأقصى واهتزّت كل ذرة تراب تحته ونسفوا كل حجر يمكن أن يختبئ فيه “أثر هيكل سليمان” كما يزعمون.

فماذا وجدوا؟


لا شيء!
لا أثر لهيكل ولا نقش، ولا حجر ولا حتى مسمار خشبي!
عادوا كما عاد الذئب إلى يعقوب… بخفيّ هيكلٍ لم يكن له وجود!

ما يقوله العلماء الحقيقيون:

إسرائيل فنكلشتاين – رئيس قسم الآثار بجامعة تل أبيب – يقول في كتابه الشهير The Bible Unearthed (التوراة المنقّبة):


“لم يُعثر على أي أثر ملموس لهيكل سليمان، لا في القدس ولا في أي مكان آخر بفلسطين الأدلة الأثرية لا تدعم الرواية التوراتية.”

شلومو ساند – أستاذ التاريخ بجامعة تل أبيب في كتابه اختراع الشعب اليهودي:


“الهيكل الذي تتحدث عنه التوراة ليس حقيقة تاريخية، بل نتاج خيال قومي كتبه كهنة المنفى البابلي…”

إيلان بابيه – المؤرخ الإسرائيلي المنشق، في كتابه التطهير العرقي في فلسطين:
“الرواية التوراتية صيغت لاحقًا لتبرير الاحتلال والسيطرة ولم تكن أبدًا وصفًا تاريخيًا لما كان.”

كيث وايتلام – أستاذ الدراسات الدينية بجامعة ستيرلينغ – في كتابه اختراع إسرائيل القديمة:
“التاريخ التوراتي ليس تاريخًا بل أسطورة لاهوتية ولم يُثبت أبدًا على الأرض أي مما تزعم التوراة.”

أيها الشيوخ المتورّطون

حين تقولون إن “سليمان هو من بنى الأقصى” فأنتم لا تكرّمونه، بل تعيدون صياغة الرواية الصهيونية بعمامة سنية.
حين تصرّون على أن البناء كان في عصر آدم فأنتم تهربون من العلم إلى الخرافة، لتمنحوا رواية الهيكل ما لم تستطع الحفريات إثباته.


وحين تصمتون أمام نتائج قرنين من التنقيب فأنتم تُديرون ظهوركم للتاريخ وتفتحون أحضانكم للتزوير.
إلى الذين قالوا لنا خليك في تخصصك.


أنا مؤرخ. أعرف كيف يُكذب النص حين يُفصل عن ترابه.


أنا لا أتحدث عن فتوى، بل عن أرض تم التنقيب فيها حجرًا حجرًا ولم تنطق بأي حرف توراتي.
أما أنتم فتهرعون للتبرير وتبنون فوق الوهم مساجد من ظنّ، لا من يقين.

وختاما من تراب القدس


الأقصى لا يحتاج أن نعلم من بناه،
بل يحتاج أن نمنع من يهدّ أسسه الروحية باسم الفتوى.
هو مسجد باركه الله، لا لأنه توراتي، بل لأنه قرآني.
ولأن من دخل فيه صلى لا من حفَر تحته بحثًا عن “رخصة سماوية للاحتلال”.
كفى تزويرًا بعمامة


كفى خيانة باسم العلم الشرعي
كفى سكوتًا باسم الأدب مع المشايخ
فالساكت عن التاريخ شيطان آخرس.

د. وليد العريض
مؤرخ و أديب و شاعر وكاتب صحفي
تموز / يوليو 2025

شاهد أيضاً

حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني

حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني

شفا – عقد الجيش الصيني حفل استقبال في قاعة الشعب الكبرى في بكين يوم الخميس …