12:43 صباحًا / 15 يوليو، 2025
آخر الاخبار

تجار غزة بين وهم الربح وسقوط القيم ، أموالٌ تُجنى ، ودينٌ يُفقد !! بقلم : الصحفي سامح الجدي

تجار غزة بين وهم الربح وسقوط القيم: أموالٌ تُجنى .. ودينٌ يُفقد !! بقلم : الصحفي سامح الجدي

في قلب الجرح الفلسطيني المفتوح، وفي قطاع غزة المحاصر المكلوم، حيث يتنفس الناس على وقع القصف، ويأكلون على هامش الموت، ظهرت ظاهرة خطيرة لا تقل وحشية عن القذائف والرصاص: المتاجرة بمعاناة الناس. هناك من قرر أن يحوّل مصاب شعبه إلى فرصة للربح، وأن يبني فوق الرماد ثروةً، ولو على حساب كرامة شعبه ودينه وقيمه.

في الأسواق، لا شيء منطقي. الأسعار تتضاعف بلا مبرر، وأساسيات الحياة تُباع وكأنها كماليات، والخدمات التي كانت يومًا من البديهيات صارت تُمنح لمن يدفع أكثر. كيس الطحين وصل إلى ضعف ثمنه، قارورة الماء أصبحت عملة نادرة، والدواء يُباع بالقطارة وبأسعار لا ترحم المريض ولا تعترف بحقه في الحياة.

أولئك التجار، الذين يتفننون في استغلال الحصار والكارثة والدمار، قد يظنون أنهم يربحون، وأنهم أذكى من غيرهم، لكن الحقيقة أن ربحهم هذا خاسر في ميزان الأخلاق والدين والإنسانية. هم يبيعون ضميرهم قبل بضائعهم، ويضحون بمكانتهم الاجتماعية في مقابل حفنة من النقود. الإسلام الذي يعتزون بانتمائهم إليه يقول: “من غش فليس منا”، فكيف بمن يغش ويحتكر ويستغل مصائب شعبه؟ أليست هذه جريمة أخلاقية قبل أن تكون مخالفة قانونية؟

ثم، السؤال الجوهري الذي لا بد أن يُطرح اليوم: أين الغرفة التجارية من كل هذا الانفلات؟ أليست مسؤولة عن تنظيم السوق، وحماية المواطن، والرقابة على التجار؟ وأين وزارة الاقتصاد؟ هل يعقل أن تغيب عن مشهد بات يهدد استقرار المجتمع الداخلي؟ أليس من واجبها التدخل العاجل لضبط الأسعار، ومنع الاحتكار، ومعاقبة كل من يتاجر بالدم والجوع؟

نحن لا نطلب من التجار أن يوزعوا بضائعهم مجانًا، لكننا نطالبهم بشيء من الرحمة، ببعض من الوطنية، بقليل من الضمير. فمن يقف مع شعبه وقت الشدة، سيكون له مكان في القلوب لا تشتريه ملايين الدنيا، ومن خذلهم واستغلهم لن يجد في المستقبل سوى العزلة والعار.

إن غزة، التي صمدت في وجه الاحتلال والحصار والعدوان، لا يليق بها أن تنهار من الداخل بسبب جشع البعض. نحن بحاجة إلى سوق مقاوم كما هو شعب مقاوم، إلى تجار يتعاملون بالإحسان لا بالاحتكار، وبالعدل لا بالجشع.

فليكن هذا المقال صرخة من داخل الركام، نداءً للضمائر قبل السياسات، تذكيرًا بأن المال يُفنى، أما القيم فتبقى. ومن خسر قيمه فقد خسر كل شيء، حتى لو امتلأت خزائنه بالنقود.

شاهد أيضاً

حزب ديغل هتوراه يعلن انسحابه من الائتلاف والحكومة الاسرائيلية

حزب ديغل هتوراه يعلن انسحابه من الائتلاف والحكومة الاسرائيلية

شفا – وصلت أزمة قانون التجنيد الإلزامي إلى ذروتها، أعلن حزب “ديغل هتوراه” انسحابه الرسمي …