
قطاع غزة ما بين الواقع السياسي والمستقبل المجهول ، بقلم : أحمد يوسف عمرو
قطاع غزة الجزء المكلوم على هذه الأرض المحتلة الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من هذا الوطن وهذه القضية وهذه القطعة الجغرافية التي مورست فيه أشد أنواع البطش والظلم بفعل الحروب المدمرة على مدار السنوات الماضية ابتداءً من الحرب التي شنت على القطاع في العام 2008 وحتى معركة طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 المعركة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذا الصراع مع المحتل .
يتمحور الواقع السياسي في قطاع غزة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية حول هدف مركزي واحد وهو انهاء المقاومة المسلحة والبنية العسكرية في قطاع غزة وتحييد حركة حماس عن المشهد السياسي والحكم والسيطرة على غزة وبينما يدعي كل طرف من الأطراف تحقيق المكاسب تظل الخسائر المادية والبشرية الكبيرة شاهدة على الثمن الباهظ الذي دفعه الجميع وتحديداً سكان قطاع غزة في هذه الحرب منذ السابع من اكتوبر.
لقد برهنت هذه المعركة على مدار ما يقارب عامين من القتال العنيف والدمار الهائل حالة نوعيه في تاريخ الحروب فأنا أجزم هنا أنه على مدار سنوات من الصراع على هذه الأرض المغتصبة لم أشاهد هذه الكميه الهائلة من الدمار والقتل الهمجي واستباحة الدم الفلسطيني ، بهذه الكميه من العنف والغل الغير مبرر بقتل الأطفال الرضع والشيوخ والنساء واعتقال الشبان والإعدامات الميدانية والمجازر بحق المدنيين العزل أمام أعين وأنظار هذا العالم الذي يدعي الديمقراطية واحترام حقوق الأنسان فهذا الصمت أمام كل هذه المجازر لا يبرره سوى أمر وحيد هو أن هذا العالم شريك وطرف في هذه الجريمة النكراء ضد أبناء هذا الشعب العزل.
لقد انتهكت كل المعايير والمواثيق الدوليه المتعارف عليها في الحروب من قبل أسرائيل في قطاع غزة ولقد خلفت هذه الحرب الهمجية على قطاع غزة كل عوامل الموت السريع التي تحيط بالإنسان الفلسطيني من كل مكان ابتداءً من اتباع سياسة التجويع والتضييق الأقتصادي في ظل قلة الإمكانات الماديه وإغلاق المعابر وتدمير المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية مع عدم توفر الغذاء والأدوية والوقود ومتطلبات الحياة اليوميه التي تعتبر متطلب أساسي للبقاء على قيد الحياه.
الواقع الحالي في قطاع غزة هو عبارة عن مأساة حقيقيه دمار هائل في البنية التحتيه جراء القصف الإسرائيلي بحيث تشير بعض الإحصاءات إلى أن حجم الدمار بلغ 92% من حجم المباني بما في ذلك المستشفيات والمدارس بحيث كانت أبرز نتائج هذا الدمار نزوح 2 مليون فلسطيني داخلياً وهذا يعكس حجم الكارثة والمأساة الحقيقيه وهنا بات واضحاً للجميع أنه من الصعب الوصول لأي اتفاق في ظل حكم حركة حماس لقطاع غزة دون تخلي الحركه عن السلطه في غزة وتقديم تنازلات أبرزها نزع سلاح الحركه في حين يرى البعض أن حركة حماس ليست الخيار الأمثل لأدارة غزة بعد ما وصلت أليه الأمور بعد السابع من أكتوبر.
أما فيما يتعلق بمستقبل غزة فالوضع يشير إلى أن الاستحقاقات أكبر من وقف أطلاق نار أو هدنة بين الطرفين فالحاجة هنا باتت ملحة لتوحيد الصف الفلسطيني والتكاتف في ظل الانقسام الفلسطيني البغيض الذي قد يؤدي الى ضياع المكتسبات التي حققها الفلسطينيون رغم التضحيات الكبيرة بدماء الشهداء والجرحى ومعاناة الأسرى خلف القضبان وعلى الجانب الأخر يبقى التحدي الأكبر هو استعادة ثقة المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وجعلها قضية مركزية أمام العالم أجمع من أجل كسب الحقوق وتحقيق المكاسب و الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعدم النظر أليها على أنها قضية مساعدات في ظل حرب الإبادة الهمجية والحصار المدقع .
من الصعب التنبؤ أو الجزم بما ستؤول أليه الأمور في قطاع غزة في ظل المعطيات والمتغيرات على الساحة الدوليه والإقليمية وفي ظل وجود حركة حماس والمقاومة الفلسطينية التي ترفض التنازل عن سلاحها الذي تعتبره حق شرعي وصمام أمان في وجه الاحتلال الإسرائيلي الذي أستباح قطاع غزة يقابلها حكومة يمينية متطرفة في اسرائيل لا تجيد سوى لغة القتل والدم ووفقاً لنظرة الكيان الإسرائيلي و الإدارة الأمريكية وحتى النظام العربي الرسمي فإن هناك أطروحات لمستقبل قطاع غزة أو ما يسمى اليوم التالي للحرب وتتمثل في التالي.
اولا ــ إشراف دولي إقليمي محلي مرحلي على قطاع غزة
ثانياً ــ سيناريو إعادة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى قطاع غزة. .
ثالثاً ــ سيناريو عودة الإدارة المدنية الإسرائيلية في قطاع غزة
رابعاً ــ استعادة روابط القرى مع حكم عسكري إسرائيلي.
خامساً ــ سيناريو الإدارة المصرية لقطاع غزة.
تعددت السيناريوهات والحديث يطول عن اليوم التالي للحرب هناك مقترحات كثيره وهناك أيضاً مؤامرات كثيره تحاك ضد القضية الفلسطينية وقطاع غزة لكن يجب الأخذ بالحسبان ما يتطلع أليه سكان قطاع غزة من وقف للعنف وبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة بدون حروب والحق في تقرير المصير واستعادة الوحدة الداخلية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقله واختيار النظام السياسي الذي يريدونه دون تدخلات خارجية أو ضغوطات دولية أن ما حدث في قطاع غزة من قتل وتدمير وخراب يجب أن يوفر فرصة تاريخيه لتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الصراع القائم منذ سنوات وتحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط .