9:58 مساءً / 6 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

الاحتلال وتكرار سيناريو “روابط القرى” محاولات تفكيك الداخل الفلسطيني ، بقلم : د. عمر السلخي

عمر السلخي

الاحتلال وتكرار سيناريو “روابط القرى” محاولات تفكيك الداخل الفلسطيني ، بقلم : د. عمر السلخي

من “روابط القرى” إلى توظيف العشائر

منذ مطلع الثمانينات، سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تأسيس “روابط القرى” كأداة بديلة للتمثيل الفلسطيني، تحت مسميات محلية تُخفي المشروع الحقيقي القائم على تفريغ منظمة التحرير الفلسطينية من دورها الوطني. ورغم الدعم الإسرائيلي الكامل، سقطت هذه الروابط أمام وعي الجماهير الفلسطينيّة التي أدركت أنها أداة استعمارية مغلّفة بالهوية المحلية.

اليوم، وفي ظل غياب أفق سياسي، وتآكل الثقة بالمؤسسات، وتراجع الدور الموحد لمنظمة التحرير، يعيد الاحتلال إحياء النموذج نفسه، ولكن بأدوات محدثة: العشائر، المخاتير، والوجهاء، تحت غطاء “الإصلاح المجتمعي” و”حل النزاعات”، وهو في الحقيقة مشروع سياسي بامتياز، يهدف إلى إعادة تشكيل بنية المجتمع الفلسطيني وفق مقاييس الاحتلال.

توظيف العشائر كبديل في غزة والضفة

بعد الحرب الأخيرة على غزة، حاولت إسرائيل الدفع ببعض المخاتير والوجهاء كحلقة وصل بين سلطات الاحتلال وسكان القطاع، متجاوزةً كل الأطر السياسية والمؤسسات الرسمية. لم تنجح الخطة في غزة كما أراد الاحتلال، لكن التوجه بقي حاضرًا.

في الضفة الغربية، بدأ الاحتلال يسوّق الدور العشائري كبديل للحلول السياسية، مستخدمًا التوترات الاجتماعية، والفراغ السياسي، وغياب ثقة الناس، لتبرير تسليط الضوء على بعض الوجهاء والعائلات على حساب النظام السياسي الفلسطيني. ما يحدث حاليًا هو محاولة إعادة إنتاج لـ”روابط القرى” بثوب جديد.

الهدف الاستراتيجي – تفكيك الضفة وإنهاء التمثيل الوطني

ليس الهدف من تصدير المشهد العشائري مجرد إدارة داخلية بديلة، بل تقسيم الضفة الغربية إلى مربعات عشائرية واجتماعية تُدار بطريقة تجعل من المستحيل إعادة بناء مشروع وطني موحد.

هذا يرافقه عمل متسارع على تآكل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وهي الجهة الوحيدة التي تحظى باعتراف دولي كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين. في حال تم تفكيك هذا الإطار، ستفقد القضية الفلسطينية شرعيتها على الساحة الدولية، ويُصبح من السهل فرض حلول مجتزأة تقوم على الحكم الذاتي المحدود أو الكيانات الهشة.

المطلوب لمواجهة هذا المخطط الاستعماري

ما هو مطلوب من السلطة الفلسطينية:

إعادة الاعتبار للمنظمة كمظلة جامعة والعمل على تفعيل مؤسساتها وتمثيلها لكافة القوى.

تحصين المجتمع من مشاريع الاختراق، من خلال توجيه التمويل والدعم للمؤسسات الوطنية لا للعناوين الفردية أو العشائرية.

إصلاح سياسي عميق يعيد ثقة المواطن في قيادته، ويمنع الفراغ الذي يستغله الاحتلال.

رفض أي تنسيق أمني أو إداري مع جهات عشائرية بديلة عن السلطة، ووضع إطار قانوني يضبط العلاقة مع المخاتير.

ما هو مطلوب من الهيئات المحلية:

تعزيز دور المجالس والبلديات المنتخبة بوصفها الجهة الشرعية لخدمة الناس، ومنع تحول الخدمات إلى أدوات للنفوذ العشائري.

فتح قنوات تشاركية مع المجتمع المحلي قائمة على القانون والمؤسسات، لا على المرجعيات التقليدية.

العمل على تعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني، وتقديم نموذج للحكم المحلي العادل والفعال.

ما هو مطلوب من العائلات والعشائر:

رفض الانجرار وراء مشاريع الاحتلال التي تسعى لتغليب الهويات الفرعية على الوطنية.

التأكيد على دور العائلة كرافعة اجتماعية لا سياسية، تحافظ على النسيج المجتمعي لا تكرّس الانقسام.

دعم الأطر الوطنية ومقاطعة أي محاولات لاستبدال المؤسسات الرسمية بمرجعيات عشائرية بغطاء الاحتلال.

ما هو مطلوب من فصائل العمل الوطني:

التوحد حول برنامج وطني جامع يعيد الاعتبار للمشروع التحرري الفلسطيني.

رفض استخدام العشائر كأدوات سياسية، والعمل على توعية الناس بمخاطر هذا المشروع.

الضغط السياسي والشعبي لوقف أي مشاريع تطبيعية تغذّي هذا التوجه، سواء في الضفة أو غزة.

اليقظة الشعبية هي خط الدفاع الأول

إن أخطر ما يُواجه الفلسطينيين اليوم، ليس فقط الاحتلال بحد ذاته، بل الاختراق الناعم للمجتمع عبر أدواته التقليدية، واستخدام البُنى الاجتماعية كجسور سياسية تخدم أهدافه. وكما أسقط الفلسطينيون “روابط القرى” في الثمانينات، فإن الوعي الشعبي والمجتمعي، مع إرادة وطنية صلبة، هو ما سيُسقط مشروع “العشائر السياسية” اليوم.

شاهد أيضاً

إصابات إثر إقتحام الاحتلال طوباس

شفا – أصيب 17 مواطنا خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم السبت، مدينة طوباس …