
حين يصمت اليسار… ويصرخ الشعب! بقلم : المهندس غسان جابر
إلى رفاقنا في أحزاب اليسار الفلسطيني،
إلى من حملوا راية التحرر والعدالة الاجتماعية ذات يوم،
إلى من وقفوا في وجه الاستعمار والرجعية والفساد بلا تردد…
أكتب إليكم اليوم لا من موقع الخصومة، بل من عمق المحبة والحسرة، ومن واجب السؤال:
أين أنتم؟
في غزة، حيث المجازر تُرتكب على الهواء،
في الضفة، حيث الاحتلال يبتلع الأرض ويكسر الكرامة،
في القدس، حيث تُسرق الأحياء باسم القانون،
وفي الشتات، حيث الفلسطيني يُدفن غريبًا بلا علم ولا عنوان…
لم نعد نسمع صوت اليسار.
تاريخكم حافل بمواقف كبرى، وساحات امتلأت بأعلامكم ، وأصوات طالما بشّرت بفجر مختلف. لكن اليوم، تختفي هذه الأصوات، أو تنحصر في منشور باهت أو بيان مجامل، لا يرقى إلى مستوى الكارثة.
رفاقنا،
اليسار ليس بيانًا نُشر متأخرًا،
ولا لجنة تنظيم ندوة،
ولا اجتماعًا بلا أفق.
اليسار فعل.
اليسار موقف.
اليسار ضمير.
فأين هذا الضمير الآن؟
نحن لا نطالبكم بالمزايدة على أحد،
ولا نُحمّلكم أوزار العالم،
لكننا نسألكم:
لماذا لا يوجد موقف موحّد؟
لماذا لا يُرفع الصوت في وجه القتل الجماعي؟
لماذا غاب اليسار عن الشارع، عن الجنازات، عن ساحات الاعتصام، عن المسيرات؟
لماذا تركتم الناس لوحدهم في وجه الانقسام والتوحش والانهيار؟
غزة لا تحتاج تحليلات نظرية، بل دعمًا سياسيًا ميدانيًا،
الضفة لا تحتاج استهلاكًا فصائليًا، بل مبادرة، مشروعًا، أملًا،
والشباب الفلسطيني يبحث عن قيادة تشبهه، لا قيادات عالقة في الماضي.
نحن بحاجة إلى جبهة يسارية موحدة، تقود الشارع لا تتفرّج عليه.
نحن بحاجة إلى خطاب جديد، نابع من الوجع لا من الكتب، من الميدان لا من الأرشيف.
نحن بحاجة إلى موقف واضح:
ضد الاحتلال، ضد الفساد، ضد التواطؤ، ضد الصمت.
إذا لم يكن لليسار صوت اليوم،
فمتى؟
وإن لم يكن مع الناس الآن،
فأين؟
هذه لحظة فاصلة. فإما أن نرى اليسار يعود إلى جوهره الوطني والإنساني، أو نقرأ عليه السلام، كجثة سياسية لا تجد لها مكانًا بين الأحياء.
- – م. غسان جابر
مواطن فلسطيني ما زال يؤمن أن الكلمة الصادقة يمكن أن تفتح طريقًا للعدالة. - مهندس وسياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.