3:43 مساءً / 27 يونيو، 2025
آخر الاخبار

اليسار الفلسطيني وحكومة الظل ، حلم وحدة أم فرصة واقعية؟ تحليل هادئ لإمكانية المبادرة تحدياتها ، بقلم : المهندس غسان جابر

اليسار الفلسطيني وحكومة الظل ، حلم وحدة أم فرصة واقعية؟ تحليل هادئ لإمكانية المبادرة تحدياتها ، بقلم : المهندس غسان جابر

واقع سياسي معقد… وأمل في التغيير

منذ أكثر من 17 عامًا، يعيش الشعب الفلسطيني تحت ظل انقسام سياسي ألقى بظلاله على الحياة اليومية في الضفة الغربية وقطاع غزة. في هذا الواقع المعقّد، أصبحت الحاجة إلى أفكار جديدة وإرادة جماعية لتغيير المشهد أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

ومن بين المبادرات المطروحة، تبرز فكرة تشكيل “حكومة ظل فلسطينية” من قِبل القوى اليسارية، بهدف تقديم بديل رقابي، سياسي واجتماعي. لكن هل هذا ممكن؟ وما الفائدة الحقيقية للمواطن من هذه المبادرة؟

لماذا الحديث عن حكومة ظل الآن؟

  1. ضعف الثقة في الأداء السياسي القائم
    كثير من المواطنين يشعرون أن لا شيء يتغيّر. الانتخابات غائبة، والقرارات تصدر دون مساءلة، والمشاكل اليومية تتراكم دون حلول جذرية.
    حكومة الظل يمكن أن تكون صوتًا للمواطن، تراقب وتُقيّم وتطرح بدائل، بعيدًا عن الصراعات الفئوية.
  2. غياب المعارضة المنظمة
    في النظم الديمقراطية، تلعب المعارضة دورًا مهمًا في الرقابة والمحاسبة. لكن في الواقع الفلسطيني، المجلس التشريعي شبه معطّل، والمعارضة لا تملك منصة فاعلة.
    حكومة ظل يسارية قد تُعيد التوازن المطلوب عبر المتابعة والنقد البناء.
  3. حاجة الناس لصوت مختلف
    اليسار الفلسطيني يحمل تاريخًا من الدفاع عن الفقراء والطبقات المهمشة، ويمكن أن يُقدم خطابًا جديدًا يلامس هموم الناس اليومية، بعيدًا عن الانقسام السياسي الحاد.

هل يمكن تنفيذ الفكرة؟ وما العقبات؟

رغم واقعية الطرح، هناك عدة تحديات يجب الاعتراف بها بصدق:

اليسار الفلسطيني ذاته منقسم، ويفتقر إلى قيادة موحدة تستطيع جمع مكوناته المختلفة.

الفصائل الكبرى مثل فتح وحماس قد تنظر بعين الريبة إلى أي مبادرة لا تأتي من داخلها.

الدعم الدولي لهذه المبادرة محدود، إذ يعترف المجتمع الدولي بالسلطة الرسمية فقط.

الاحتلال الإسرائيلي يبقى عامل إعاقة، وقد يسعى إلى تقويض أي مساعٍ فلسطينية توحيدية.

لكن رغم هذه التحديات، الفكرة ليست مستحيلة إذا بُنيت بعقلانية، على أساس شفاف، وبتعاون مع أطراف مجتمعية وشبابية مستقلة.

كيف يمكن تحويل الفكرة إلى واقع؟

  1. البدء بتحالف يساري موحد
    ليس بالضرورة اندماجًا تنظيميًّا، بل تنسيق مشترك تحت مظلة رقابية واحدة تُعنى بالشأن العام.
  2. تقديم الحكومة كهيئة رقابية وليس بديلًا سياسيًّا
    لا تنافس على السلطة، بل مراقبة الأداء الحكومي، ونشر تقارير شفافة واقتراح حلول بديلة في الصحة، التعليم، الاقتصاد.
  3. إشراك الشباب والمجتمع المدني
    توسيع المشاركة الشعبية هو مفتاح النجاح، خصوصًا بين الفئات المهمّشة التي تبحث عن صوت يمثّلها دون مصالح فئوية.
  4. تجنب الخطاب الانقسامي أو الاتهامي
    النجاح يبدأ من تقديم خطاب وحدوي، يعترف بالواقع ويسعى لتجاوزه، لا إلى تسجيل المواقف أو الخصومة مع أطراف أخرى.

هل يمكن أن تسهم في إنهاء الانقسام؟

ليس بالضرورة أن تُنهي حكومة الظل الانقسام فورًا، لكنها يمكن أن تكون أداة ضغط إيجابية لتقريب وجهات النظر، وتقديم نموذج جديد في العمل السياسي الفلسطيني، قائم على الشفافية، والمساءلة، والانحياز للمصلحة الوطنية العامة.

كما أنها قد تُمهّد الطريق لمبادرات أكبر مستقبلًا، تُسهم في بناء حالة فلسطينية جامعة، تعيد ثقة الناس بالسياسة كأداة تغيير.

نقول : انها خطوة نحو التغيير، إن أحسنّا البناء

حكومة ظل فلسطينية بقيادة اليسار قد لا تُغير كل شيء بين ليلة وضحاها، لكنها خطوة جريئة وعملية إذا ما أُديرت بعقلانية وشفافية.

ليست مشروعًا لصراع جديد، بل أداة لتحفيز الإصلاح، وإعادة الاعتبار لدور المواطن في الحياة العامة.
وفي زمن الإحباط والانقسام، تبقى مثل هذه المبادرات نافذة أمل صغيرة… لكنها ضرورية.

م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

مقتل شاب في جريمة إطلاق نار في بلدة إكسال

شفا – قُتل شاب في العشرينات من عمره، اليوم الجمعة، إثر إصابته بإطلاق رصاص استهدفه، …