4:53 مساءً / 22 يونيو، 2025
آخر الاخبار

لن تجلب القوة السلام ، بقلم : شين بينغ

لن تجلب القوة السلام ، بقلم : شين بينغ

لن تجلب القوة السلام ، بقلم : شين بينغ

أعلنت الولايات المتحدة يوم 22 يونيو عن شن هجمات على ثلاث منشآت نووية إيرانية، مهددة إيران “إما أن يكون هناك سلام أو ستكون هناك مأساة لإيران أكبر بكثير مما شهدته خلال الأيام الماضية”، مما صب الزيت على النار للوضع المتوتر في الشرق الأوسط الذي قد دام لعدة أيام، كما أثار قلق المجتمع الدولي من تصعيد الصراع وانتشار تداعياته وخسائر بشرية فادحة في الشرق الأوسط. أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا عبر المتحدث باسمه يؤكد فيه أن “أي تدخل عسكري جديد قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، لن تؤثر على أصحاب الشأن فحسب، بل ستشكل خطرا على السلام والأمن في المنطقة بأكملها والعالم”.

لقد شهد الوضع تغيرات كبيرة، ويدل ذلك مرة أخرى على الحكم الثاقب من “دخول العالم مرحلة جديدة من الاضطرابات والتغيرات”. لن يتحقق السلام عبر الحرب. قبل أيام، أكد الرئيس شي جينبينغ خلال الاتصال الهاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الدفع بوقف إطلاق النار ومنع القتال هو الأولوية الأولى في الوقت الراهن، ويمثل ضمان سلامة المدنيين الشغل الشاغل، ويمثل بدء الحوار والتفاوض المخرج الأساسي، وإن جهود إحلال السلام من قبل المجتمع الدولي لا غنى عنها.

تأخذ هذه الرؤية ذات النقاط الأربع مصالح راهنة وبعيدة المدى في عين الاعتبار، وتؤكد على الموقف الصيني بكل وضوح وتعكس حرص الصين على تحمل مسؤوليتها وسعيها لتحقيق تقدم البشرية والمصالح العامة للعالم، وهي تحدد اتجاها صائبا وتوفر وصفة فعالة لتخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط. أجرى عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية وانغ يي اتصالات هاتفية مع العديد من نظرائه في الأيام الأخيرة، حيث أوضح موقف الصين وهمومها ومبادراتها العملية.

لا يحتمل الدفع بوقف إطلاق النار ومنع القتال أي تأخير. لم تكن القوة يوما الطريقة الصحيحة لحل النزاعات. وفي ظل التصعيد الحاد للوضع الحالي بسبب تدخلات الولايات المتحدة، إن الأولوية القصوى هي الدفع بوقف إطلاق النار ومنع القتال، ولن تؤدي القوة إلا إلى تفاقم الحلقة المفرغة من الكراهية والعنف. ستنزلق منطقة الشرق الأوسط إلى هاوية مجهولة من الاضطرابات المطولة في حالة اشتداد التداعيات الناجمة عن الصراع.

لا يجوز تجاوز الخط الأحمر لحماية المدنيين. لم تكن الدروس المؤلمة من حرب العراق في عام 2003 التي أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين العراقيين بعيدة. في الصراع الآخر الذي لم يهدأ بعد في قطاع غزة، قد أسفرت العمليات العسكرية المستمرة عن مقتل أكثر من 50 ألف مدني، إضافة إلى الكارثة الإنسانية الواسعة في غزة. وفي هذه الجولة من الصراع بين إسرائيل وإيران، ألحقت الصواريخ الوحشية أضرارا جسيمة بمنازل المدنيين والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية، وتسببت في سقوط عدد كبير من المدنيين، حيث يهزّ مشهد الدمار والخراب ضمير الإنسان. في أي حال من الأحوال، لا يجوز تجاوز الخط الأحمر لحماية المدنيين في النزاعات العسكرية، وإن الاستخدام العشوائي للقوة أمر غير مقبول. يجب على أطراف الصراع الالتزام الجدي بالقانون الدولي، ومنع إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء قطعا.

يمثل الحوار ومفاوضات السلام السبيل الأساسي لإيجاد الحل. شنت الولايات المتحدة بصفتها دولة وديعة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لأول مرة ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية لدولة طرف غير نووية في المعاهدة التي تخضع لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي سيترك تأثيرا عميقا ومدمرا على السلام والأمن الدوليين والإقليميين، وعلى الآليات المعنية بالاستخدام السلمي للطاقة النووية. كلما ازدادت الخلافات تعقيدا والتحديات إلحاحا، زادت ضرورة الالتزام بالحوار السياسي ومفاوضات السلام كالمسار الصائب. تأمل جميع الدول في تجنب عودة العالم إلى قانون الغابة. فينبغي على الدول الكبيرة أن تتصرف بشكل يليق بمكانتها، وينبغي على الدول المعنية وخاصة تلك ذات التأثير الهام على شؤون الشرق الأوسط، لعب دورها الريادي في الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، والتخلي عن قانون الغابة والمعايير المزدوجة، وإيقاف الحرب والفوضى بخطوات عملية، بدلا من فرض “الضغوط القصوى” واتباع مبدأ “الكلمة الأخيرة لصاحب العضلات القوية”. لن يكون الأمن راسخا في أساسه ومستداما في جوهره إلا بشرط أن يُبنى على أساس الأخلاق والمفاهيم الصحيحة.

على المجتمع الدولي أن يضخ طاقة إيجابية لتدعيم مفاوضات السلام. تشكل التوترات المستمرة في الشرق الأوسط تهديدا خطيرا على الأمن والتنمية في العالم، وتكون دول المنطقة في مقدمة المتضررين. أصدرت 21 دولة عربية وإسلامية مؤخرا بيانا مشتركا في هذا الصدد، كما عقدت كلا من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي اجتماعا طارئا على مستوى وزير الخارجية بشكل متتالي، حيث تم إطلاق صوت داعي إلى تهدئة الموقف والحفاظ على السلام الدائم في المنطقة. يجب أن تحظى مبادرات السلام والإجراءات الجماعية للعالم العربي والإسلامي بالاهتمام التام والدعم الكامل. وعلى المجتمع الدولي تعزيز التنسيق والعمل سويا على توظيف دور مجلس الأمن الدولي وغيره من الآليات الدولية، واستخدام جميع الأدوات التي يمنحها ميثاق الأمم المتحدة على نحو جيد، واتخاذ إجراءات فعالة وعملية لبناء الثقة المتبادلة وحل النزاعات وتدعيم الأمن عبر الحوار، والقيام بدور مطلوب في سبيل الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة والعالم.

يؤكد تاريخ الشرق الأوسط وواقعه أن الحرب لا تجلب سوى الكوارث لا نهاية لها، وأن القوة لن تحقق السلام. من يسير في الطريق المستقيم سيجد رفاقه، نؤمن بأن معظم دول العالم تحب السلام والعدالة، وأن صوت العدالة سيُسمع، والحقوق والمصالح المشروعة ستُحمى، وحتما أن نور السلام ستسطع مرة أخرى على أرض الشرق الأوسط التي تعاني ما يكفيها من المحن!

الكاتب هو محلل في الشؤون الدولية، ويكتب دائما في Global Times ,China Daily وإلخ

سي جي تي إن العربية – CGTN Arabic

شاهد أيضاً

سلطة الأراضي تسلم تخصيصا لصالح دائرة شؤون اللاجئين لمنفعة مخيم عسكر

سلطة الأراضي تسلم تخصيصا لصالح دائرة شؤون اللاجئين لمنفعة مخيم عسكر

شفا – استقبل رئيس سلطة الأراضي المستشار علاء التميمي، اليوم الأحد، في مكتبة عضو اللجنة …