4:13 مساءً / 18 يونيو، 2025
آخر الاخبار

إسرائيل و”العربدة المنظمة” ، هل تُصبح شرطي المنطقة بغطاء أمريكي ؟ بقلم : علاء عاشور

إسرائيل و"العربدة المنظمة" ، هل تُصبح شرطي المنطقة بغطاء أمريكي ؟ بقلم : علاء عاشور

إسرائيل و”العربدة المنظمة” ، هل تُصبح شرطي المنطقة بغطاء أمريكي ؟ بقلم : علاء عاشور

التهديدات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن احتمال دخول بلاده في الحرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران، تثير القلق لا فقط من زاوية التصعيد العسكري، بل من زاوية ما تمثله هذه التصريحات من تجسيد لحالة عربدة إقليمية تقودها إسرائيل، بغطاء أمريكي واضح وصمت دولي مريب.

إسرائيل لم تعد تكتفي بلعب دور الخصم في الصراعات، بل تحاول أن تفرض نفسها كشرطي جديد للمنطقة، يستعرض قوته حين يشاء، ويضرب في العمق الإيراني، ويهدد سوريا ولبنان، ويتوغل في أفريقيا، ويتحالف مع بعض أنظمة الخليج، دون أن يلقى ردعًا حقيقيًا من أي قوة إقليمية أو دولية.


إن ما نشهده اليوم ليس مجرد مواجهة بين تل أبيب وطهران، بل هو اختبار لمنظومة التوازن الإقليمي بأسرها، وسؤال مفتوح عن مدى نضج وقوة الدول المركزية في الشرق الأوسط.

هنا، لا بد من التوقف عند ثلاث قوى إقليمية يُفترض بها – موضوعيًا وتاريخيًا – أن تكون صاحبة القول الفصل في رسم معادلات الردع والحضور: تركيا، مصر، وباكستان.

هذه الدول تملك المقومات التي تؤهلها للعب دور حاسم في كبح جماح التمدد الإسرائيلي والغطرسة المتزايدة التي باتت تهدد كل شبر في المنطقة. تركيا، بجيشها القوي وموقعها الجيوسياسي، تقف على تماس مباشر مع مناطق التوتر، خاصة في سوريا وشرق المتوسط. أما مصر، فهي الدولة العربية الأكبر من حيث السكان والتاريخ والدور الحضاري، لكنها تعاني منذ سنوات من تراجع في فعاليتها الإقليمية، وتبدو في كثير من الملفات كأنها تسير على هامش الأحداث بدل أن تقودها. باكستان، القوة النووية الإسلامية الوحيدة، لا يمكن أن تبقى خارج المشهد، خصوصًا في ظل التهديدات التي تطال البنية الإقليمية ككل، والتي ستنعكس حتمًا على استقرارها الداخلي وعلاقاتها الدولية.

إن التعاون التركي المصري، مهما بلغت خلافاتهما السياسية، لم يعد ترفًا دبلوماسيًا أو نقاشًا فكريًا، بل هو ضرورة استراتيجية لإنقاذ المنطقة من الفوضى. فسوريا باتت ساحة صراع تتعدد فيها الأجندات، ومنطقة الغاز في شرق المتوسط مرشحة لتكون مسرحًا لتصعيد متبادل بين إسرائيل من جهة، وتركيا من جهة أخرى.
وإذا استمرت مصر في موقف المتفرج أو الحذر المبالغ فيه، فإنها ستجد نفسها مستقبلاً وقد فُرضت عليها معادلات جديدة دون أن تكون جزءًا من صناعتها.

ولعل السؤال الذي يتردد كثيرًا في الأذهان: أين دول الخليج؟ ولماذا هذا الغياب أو التواطؤ؟

الجواب – للأسف – يكمن في بنية هذه الدول التي قامت منذ نشأتها على التبعية السياسية والعسكرية للغرب، وخصوصًا للولايات المتحدة. هذه التبعية حوّلتها إلى أدوات في المشروع الأمريكي الإسرائيلي، لا شركاء في الدفاع عن المصالح القومية أو الهوية الإقليمية. وباستثناء بعض التحركات الشكلية، لم تُظهر هذه الدول أي استعداد لمواجهة مشروع الهيمنة الإسرائيلية، بل العكس، انخرط بعضها في تحالفات أمنية واقتصادية مباشرة مع إسرائيل، تحت ذريعة “الاستقرار” أو “مواجهة إيران”.

إنّ رهان دول الخليج على إسرائيل وأمريكا لن يجلب لها الأمان، بل سيدفعها إلى مزيد من التبعية والعزلة. الأجدى بها، إذا أرادت لنفسها مستقبلًا مستقلًا، أن تراهن على الدور المصري والتركي والباكستاني، أي على القوى الأصيلة في المنطقة، التي تملك من الإرث، والقوة، والموارد ما يؤهلها لإعادة التوازن، لا تخريبه.

في النهاية، نحن أمام مفترق طرق خطير. فإما أن تنهض الدول المركزية وتستعيد زمام المبادرة قبل أن تُفرض عليها خيارات قسرية، أو أن تترك الساحة لإسرائيل تمارس دور الشرطي، والجلاد، والمحتكر للثروة والقرار. وإن حدث ذلك، فلن يبقى في المنطقة شيء اسمه “توازن”، بل مجرد هامش من البقاء وسط خريطة يُعاد رسمها على أعين التواطؤ والخذلان.

شاهد أيضاً

محافظة القدس : الاحتلال يستغل التوتر الإقليمي لتوسيع الاستعمار وعزل المدينة

محافظة القدس : الاحتلال يستغل التوتر الإقليمي لتوسيع الاستعمار وعزل المدينة

شفا – أعربت محافظة القدس عن قلقها البالغ من تصاعد الإجراءات الإسرائيلية الميدانية التي تستهدف …