6:50 مساءً / 15 يونيو، 2025
آخر الاخبار

الهامش لا يُقصف مرتين ، لأنه لم يُرَ من الأصل ، بقلم: رانية مرجية

الهامش لا يُقصف مرتين ، لأنه لم يُرَ من الأصل ، بقلم: رانية مرجية

في كل مرة تندلع حرب، نتذكّر أن في هذه البلاد بشرًا منسيّين:


من لا يتحرّكون، لا يسمعون، لا يرون، لا يفهمون الخرائط أو صافرات الإنذار.
لكنهم يفهمون الخوف… أكثر من الجميع.


يفهمونه لأنهم جُبلوا عليه، لا فقط حين تقصفهم الطائرات، بل منذ قصفهم المجتمع بالتجاهل، والتعليم بالتهميش، والصحة بالإقصاء، والإعلام بالصمت.

من قال إن الحرب تبدأ عند أول قذيفة؟

بالنسبة لذوي الإعاقة، الحرب تبدأ منذ الصباح الأول في مؤسسة تعليمية لا تفهمهم.
في مشفى لا يستقبلهم دون شروط.
في دائرة حكومية لا تُكلّف نفسها أن تبني منحدرًا لكرسيّ متحرّك.
في لغة لا تحتوي إشاراتهم، ولا قلبٍ يحتوي اختلافهم.

أنا لا أطلب الشفقة… أطلب الكرامة

كنشطة في مجال ذوي الإعاقة، لم أرَ يومًا أن المعاق يريد “جميلة” من أحد.
هو لا يريد عطفًا ولا تبرعًا، بل يريد ما لك:
• أن يُنصَت إليه
• أن يُعامل كمواطن كامل
• أن تُؤخذ قرارات الدولة وهو حاضر في حساباتها
• أن تُصمَّم المدن والملاجئ والبرامج وهو جزء منها، لا ملحقٌ فيها

القصة تبدأ من اللغة وتنتهي بالمؤسسات

هل سمعتم يومًا تعبير “المعاقون أولًا”؟
بالطبع لا…
نحن نسمع فقط “أصحّاء”، “قادرون”، “فاعلون”، و”سليمون”.
حتى لغتنا تُقصي المختلف، وتربط بين الإعاقة والضعف، بين الإعاقة والعجز، بين الإعاقة والشفقة.

لكن الحقيقة أن أقوى البشر الذين عرفتهم، كانوا ذوي إعاقة.
لم يكونوا من أهل الركض، بل من أهل الصبر.
لم يركضوا نحو الملجأ، بل بنوا ملاذًا من الإرادة في صدورهم.

لا نريد مناسبات، نريد مساواة

يكفي أن نتذكّرهم فقط في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.
يكفي أن نُصفق لهم على المسرح ثم نطردهم من المكتب.
يكفي أن نضع صورهم في الإعلانات ثم نُغلق أبواب التعليم والعمل في وجوههم.

أن تكون إنسانًا… هذه هي البطولة الحقيقية

أن تصرّ على الحياة وأنت محروم من نصفها
أن تبتسم وأنت مُلقى في هامش المجتمع
أن تُعلّم من حولك معنى الرقيّ رغم أن جسدك لا يتحرّك

هذه البطولة التي لا تُقلّد عليها أوسمة، ولا تتغنّى بها الدول.
لكنها تكتب على جبين الكرامة بحبرٍ لا يمّحي.

شاهد أيضاً

تقرير : رؤية للتعامل مع القلق النفسي لدى الأطفال في حالات الهلع والترويع التي نعيشها هذه الأيام

تقرير : رؤية للتعامل مع القلق النفسي لدى الأطفال في حالات الهلع والترويع التي نعيشها هذه الأيام

شفا – تقرير طاقم الصحة النفسية – مركز الدراسات والتطبيقات التربوية – CARE ، عاش …