10:28 مساءً / 20 مايو، 2025
آخر الاخبار

محمود مسودة “أبو عبيدة” ، مهندس التنظيم السري وأحد مؤسسي فتح الذين صنعوا انطلاقة الثورة الفلسطينية، بقلم : المهندس غسان جابر

محمود مسودة “أبو عبيدة” ، مهندس التنظيم السري وأحد مؤسسي فتح الذين صنعوا انطلاقة الثورة الفلسطينية ، بقلم : المهندس غسان جابر

في تاريخ الثورة الفلسطينية، تتوارى أحيانًا أسماء كان لها دور حاسم في رسم معالم العمل الوطني، لا حبًا في الغياب، بل لأن طبيعة عملهم اقتضت الصمت والمظلومية. ومن بين هؤلاء، يسطع اسم الحاج محمود رباح إسماعيل مسودة (أبو عبيدة)، أحد المؤسسين الأوائل لحركة “فتح”، وأحد مهندسي انطلاقتها وتنظيمها السري، ورفيق درب قادة كبار كأبو عمار وأبو جهاد.

ولد أبو عبيدة في مدينة الخليل، وفي ريعان شبابه، التحق بالحركة الوطنية الفلسطينية. كان من الخمسة الأوائل الذين أطلقوا فكرة تأسيس “فتح”، وشارك بفعالية في بناء خلاياها الأولى في الخليج وبلاد الشام و أوروبا، وأسهم في تأسيس البنية التنظيمية السرية للحركة، خاصة في الكويت و لبنان.

شغل منصب “المساعد الثاني” في قيادة التنظيم السري، إلى جانب ياسر عرفات وأبو يوسف النجار، وكان مسؤولًا عن استقطاب الكوادر وتشكيل الخلايا وفق أسس أمنية صارمة. وبهذا العمل، وضع اللبنات الأولى لما أصبح لاحقًا الذراع العسكري لحركة فتح.

الصورة المرفقة، المأخوذة من زيارة وفد من قيادات فتح إلى الصين، والتي يظهر فيها محمود مسودة (أبو عبيدة) إلى جانب أبو جهاد (خليل الوزير) و فاروق قدومي (أبو اللطف)، هي شهادة تاريخية بصرية على حجم حضوره السياسي والتنظيمي في تلك المرحلة. لم يكن مجرد مشارك في زيارة، بل كان يمثل العقل التنظيمي السري للحركة، ووجوده ضمن هذا الوفد يعكس عمق الثقة والاعتبار الذي حظي به داخل الصف القيادي الأول لفتح.

في عام 1968، ساهم في قيادة معركة الكرامة التي أعادت للفلسطينيين ثقتهم بعد نكسة حزيران، وجعلت من الفدائيين رمزًا للصمود العربي. لكنه انسحب لاحقًا من الحركة بسبب خلافات داخلية، ليعود إليها بعد عام واحد، أي في 1969، بجهود وساطة داخلية.

إلا أن هذه العودة سرعان ما قُطعت بشكل قاسٍ؛ فخلال زيارة لإحدى العواصم العربية في العام ذاته، تم اعتقاله وتعرض لتعذيب شديد أدى إلى إصابته بمرض عضال أجبره على الانسحاب من العمل الفدائي.

أمضى سنواته الأخيرة في منزله في عمان، وتوفي هناك بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. ومع رحيله، فقدت فلسطين واحدًا من أوائل رجالها المخلصين الذين خدموا الثورة في مراحلها الأصعب، وساهموا في بنائها من تحت الصفر.

لقد بقيت سيرته حيّة في ذاكرة من عرفه، ومنهم من يقول: “لو أرّخت فتح بإنصاف، لكان اسم محمود مسودة بين أبرز من تُذكر أسماؤهم في الصف الأول” ربما السبب في ذلك يعود لمهامه و انشطته البالغة السرية .

وها نحن نعيد نشر صورته مع رفاقه، لا لنبكي الماضي، بل لنؤكد أن من صنعوا التاريخ بصمت، يستحقون أن يُذكَروا بصوتٍ عالٍ.

م. غسان جابر – مهندس وسياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

شاهد أيضاً

بتوجيهات السيد الرئيس محمود عباس ، السفير أشرف دبور يسلم 6 سيارات مجهّزة لأفواج الإطفاء الفلسطينية دعماً للسلامة العامة في المخيمات

بتوجيهات السيد الرئيس محمود عباس ، السفير أشرف دبور يسلم 6 سيارات مجهّزة لأفواج الإطفاء الفلسطينية دعماً للسلامة العامة في المخيمات

شفا – في خطوة نوعية لتعزيز قدرات أفواج الإطفاء الفلسطينية، قدّم سفير دولة فلسطين في …