8:07 صباحًا / 4 مايو، 2025
آخر الاخبار

عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة ، بقلم : هدى زوين

عندما تصبح التنازلات وقودا للعلاقات السامة ، بقلم : هدى زوين

في ركنٍ ما من ذاكرة كلٍّ منا، يقبع موقفٌ لم ننسه، لحظة منحنا فيها فرصة لشخصٍ أحببناه، رغم كل المؤشرات التي كانت تقول: “لا تفعل”. وربما تكررت هذه اللحظة، وتحوّلت من استثناءٍ إلى قاعدة، حتى باتت العلاقة التي خضناها حقل ألغام، نُجرَّ فيه إلى الألم باسم “النية الطيبة” و”الفرصة الأخيرة”.

العلاقات السامة لا تُولد من الكراهية، بل من الحب المكسور.


إن أخطر أنواع الأذى لا تأتي من العدو، بل من ذلك الذي تمنحه قلبك، وتشاركه تفاصيلك، وتُبني معه جسور الثقة، ليعود ويهدمها حجراً حجراً. العلاقات السامة لا تكون دائمًا صاخبة وواضحة. أحيانًا تأتي ناعمة، ملساء، تبدأ بكلمة عذبة، واهتمام مزيف، وخطأٍ صغيرٍ نغض الطرف عنه لأننا نريد البقاء، ثم يتكرر، ويكبر، ونحن ما زلنا نقول: “سيتغير… يستحق فرصة أخرى”.

لكن من قال إن الفرص تُمنح في الحب بلا حساب؟


من قال إن الحب الحقيقي يعني أن نتنازل عن كرامتنا مرة بعد أخرى؟ إن التنازلات حين تصبح عادة، تفقد قيمتها، وتتحول إلى رسالة خاطئة للطرف الآخر مفادها: “يمكنك أن تؤذيني، وسأبقى”. وهذا هو مدخل السمية. تلك اللحظة التي لا يعود فيها الطرف الآخر يحترمك، لأنه اعتاد على أنك لن ترحل، مهما فعل.

المشكلة ليست فقط في المؤذي، بل في المُتألم الصامت.


ذاك الذي يخاف الفقد أكثر من خوفه من الإهانة، ذاك الذي يختلق الأعذار، ويُمسك بالذكريات الجميلة كأنها حبل نجاة، وهو في الحقيقة حبل يشدّه نحو الغرق. ومن هنا تأتي الخطورة، حين نُجمّل العلاقة وننسى حقيقتها، حين نُقنع أنفسنا أن الحب يعني الصبر على الأذى، في حين أن الحب النقي لا يؤذي أصلًا.

هناك فرقٌ جوهري بين من يخطئ لأنه إنسان، وبين من يعتاد الخطأ لأنه مطمئن لبقائك.


الأول يستحق فرصة، وربما غفرانًا، والثاني يستحق أن نضع له حدًا. أن نواجهه بحقيقتنا لا بوهم حبٍّ لا يُنقذ أحدًا.

كم من القلوب استُنزفت باسم العِشرة، وكم من الأرواح تكسّرت خلف واجهاتٍ اجتماعيةٍ كاذبة، تبرر بقاءنا في علاقات لا تمنحنا سوى الخذلان؟ كم مرة ضحك من نحبهم في خانة الخطأ، بينما نحن نلعق جراحنا في زاوية الصمت؟

ليس من النُضج أن نبقى في علاقة تؤذينا، بل النُضج أن نعرف متى نرحل.


الرحيل أحيانًا هو فعل حبٍّ للذات، وإنقاذ لها مما هو أسوأ. من يحبك حقًا لا يختبر صبرك على الألم، ولا يُطالبك بتصغير نفسك لتناسب عالمه الضيّق.

الحب الحقيقي لا يأتي مشروطًا، ولا يتغذى على الألم. هو علاقة متبادلة من الاحترام، والتقدير، والرغبة الصادقة في البناء، لا الهدم.

تذكّر: لا تكن أنت الوقود الذي يُشعل نار علاقة لم يبقَ فيها إلا الدخان. لا تجعل من قلبك ساحة عبور لأشخاص لا يعرفون سوى الأخذ، ولا يعترفون بالخطأ إلا حين يُهددهم الفقد.

فبعض العلاقات لا تُصلحها الفرص، ولا التضحيات، بل تُنقذها النهاية.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الأحد

أسعار الذهب اليوم الأحد

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الأحد 4 مايو كالتالي :سعر أونصة الذهب عالمياً 3,241.36 …