11:12 مساءً / 2 مايو، 2025
آخر الاخبار

مستقبل اليسار الفلسطيني ، نحو مشروع وحدوي بديل دون تحالفات موسمية ، بقلم : المهندس غسان جابر

مستقبل اليسار الفلسطيني ، نحو مشروع وحدوي بديل دون تحالفات موسمية ، بقلم : المهندس غسان جابر

مستقبل اليسار الفلسطيني ، نحو مشروع وحدوي بديل دون تحالفات موسمية ، بقلم : المهندس غسان جابر

في خضم التحولات السياسية المتسارعة، ومع تراجع ثقة الشارع الفلسطيني بالقوى التقليدية، يبرز سؤال جوهري: هل يستطيع اليسار الفلسطيني أن يستعيد مكانته، وأن يكون قوة حقيقية في أي انتخابات قادمة؟

لقد أظهرت نتائج انتخابات نقابة المهندسين، والعديد من النقابات الأخرى، أن المزاج الشعبي بات أكثر ميلًا نحو من يملك خطابًا واقعيًا وتجربة نضالية صادقة. لكن غياب مشروع يساري موحد، وتوزع القوى اليسارية بين تحالفات متناقضة، جعل حضورها خافتًا رغم الطاقات الكبيرة التي تملكها.

تتوزع قوى اليسار الفلسطيني اليوم بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حزب الشعب، المبادرة الوطنية الفلسطينية، الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، وجبهة النضال الشعبي وغيرها. ورغم اشتراكها في المبادئ العامة، إلا أن غياب رؤية وحدوية، واستمرارها في خوض الانتخابات بشكل مجزأ أو ضمن تحالفات تكتيكية، أضعف قدرتها على التأثير.

تجربة “تحالف القوى التقدمية” في بعض الانتخابات الطلابية أعطت مؤشرات إيجابية، لكنها بقيت محدودة الأثر بسبب غياب الغطاء السياسي الجامع، والضبابية في الموقف من التحالف مع الإسلاميين، خصوصًا حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

أثبتت التجربة أن التحالفات بين قوى اليسار والإسلاميين، كما حصل في انتخابات بيرزيت أو بعض الانتخابات المحلية، غالبًا ما كانت قائمة على العداء لفتح، لا على مشروع مشترك. وهذا ما أفقد اليسار هويته السياسية، وأربك جمهوره الطبيعي من الطبقة الوسطى، والعمال، والمثقفين.

ما يحتاجه اليسار اليوم ليس “تكتيك الانتخابات”، بل استراتيجية استعادة الثقة. وهذا لا يتم إلا بالتموضع كقوة ثالثة، لا تتماهى مع الإسلام السياسي، ولا تذوب في السلطة، بل تطرح بديلاً تقدمياً ديمقراطياً يعيد ربط النضال الوطني بالنضال الاجتماعي.

تُعد حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية حالة متميزة داخل الجسم اليساري، إذ استطاعت الحفاظ على استقلاليتها، وطرحت خطابًا وطنيًا تقدميًا واضحًا، وحققت حضورًا ملموسًا في العمل النقابي والاجتماعي دون الانخراط في تحالفات عشوائية. تجربة المبادرة في دعم الحراكات الشبابية، والمشاركة في حملات الدفاع عن الأسرى، والنضال من أجل العدالة الاجتماعية، تقدم نموذجًا يمكن تعميمه على بقية القوى اليسارية إذا ما توحدت حول برنامج حقيقي.

لا يمكن لأي مشروع يساري أن يستعيد ثقة الناس دون أن يكون حاضرًا بقوة في معارك القدس وغزة. في القدس، حيث التهويد اليومي، وهدم البيوت، وتفتيت النسيج الاجتماعي، غاب الصوت اليساري بشكل مؤلم عن الشارع، في وقت كانت فيه الحاجة ماسة لقوى تقدمية تدافع عن السكان لا من منطلق شعارات، بل من خلال مبادرات نضالية وخدمية حقيقية.

أما في غزة، حيث الحصار والانقسام والبطالة، فإن دور اليسار يجب ألا يختزل في النقد الخطابي فقط، بل يتطلب تواجدًا ميدانيًا، ودعمًا مباشرًا للفئات المهمشة، ووقوفًا واضحًا مع الحريات والديمقراطية في وجه القمع أياً كان مصدره.

إن بناء مشروع يساري وطني يعني أن تكون القدس وغزة في صلب أولوياته، لا كقضيتين رمزيتين، بل كجبهتين يوميتين للصراع، تحتاجان إلى رؤية نضالية متكاملة، تستند إلى الميدان لا إلى البيانات فقط.

المطلوب من اليسار اليوم هو العودة إلى الناس، لا إلى غرف التحالف. أن يكون في مخيمات اللاجئين، في ساحات العمل، في قضايا الصحة والتعليم، في هموم العمال والطلبة. أن يكون صوته هو صوت من لا صوت لهم، لا مجرد رقم في لعبة المحاصصة الانتخابية.

نؤكد أن مستقبل اليسار الفلسطيني رهن بقدرته على التوحد، واستعادة المبادرة، وتقديم نفسه كبديل حقيقي لا كظل لغيره. لن يصنع التغيير من خلال الشعارات فقط، بل من خلال مشروع متجذر، مستقل، عادل، وجريء. آن أوان أن يخرج اليسار من عباءة التحالفات الموسمية، ويعيد تشكيل ذاته كقوة تاريخية قادرة على خوض معركة التحرر والديمقراطية بكرامة وثقة.

م. غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم الجمعة

اسعار الذهب اليوم الجمعة

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الجمعة 2 مايو كالتالي :عيار 22 67.500عيار 21 64.400