
“فتح تنتصر في معركة المهندسين: دلالات الفوز على تحالف الإسلاميين واليسار رغم التحريض الممنهج” بقلم : الصحفي سامح الجدي
في مشهد نقابي لافت يعكس تحولات عميقة في المزاج العام الفلسطيني، حققت حركة “فتح” فوزًا مهمًا في انتخابات نقابة المهندسين – الضفة الفلسطينية، متقدمة على تحالف واسع ضم قوى الإسلاميين واليساريين والمستقلين. لم يكن هذا الفوز مجرد حدث نقابي اعتيادي، بل حمل في طياته دلالات سياسية ومجتمعية تتجاوز إطار النقابة، ليعكس حضور “فتح” المتجدد في الساحة الفلسطينية رغم كل التحديات.
أولًا: كسر التحالف الأيديولوجي المتنوع
التحالف المنافس لـ”فتح” لم يكن عاديًا؛ فقد جمع بين قوى إسلامية ويسارية ومستقلة، شكّلوا جبهة موحدة لمحاولة إقصاء الحركة من واحدة من أقوى النقابات المهنية في فلسطين. هذا التلاقي بين أضداد أيديولوجية يعكس حجم الرغبة في إضعاف “فتح”، لكنه في الوقت ذاته كشف عن عمق حضورها الشعبي وقدرتها على منافسة أوسع التحالفات، بل والانتصار عليها ديمقراطيًا.
ثانيًا: دلالة الانتصار في ظل التحريض الممنهج
فوز “فتح” يأتي في سياق تصاعد غير مسبوق لحملات التحريض ضدها على المستويين الشعبي والإعلامي، من خصومها السياسيين وحتى من بعض الجهات التي تدّعي الاستقلالية. ومع ذلك، أثبتت الانتخابات أن الخطاب التحريضي لا ينجح بالضرورة في تفكيك قواعد “فتح” التنظيمية أو التأثير على ثقة جمهورها، بل ربما ساهم في تعزيز الالتفاف حولها في لحظات التحدي.
ثالثًا: العمل النقابي كامتداد للمشروع الوطني
هذا الفوز يبعث برسالة قوية أن “فتح” لم تتخلَ عن العمل الميداني والنقابي، وأنها ترى في النقابات المهنية أدوات نضالية لا تقل أهمية عن النضال السياسي. لقد أعادت الحركة توجيه البوصلة نحو قواعدها الشعبية، وعززت من حضورها في مؤسسات المجتمع المدني، بما يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة المرحلة ومتطلباتها.
رابعًا: رسائل داخلية وخارجية
داخليًا، يعزز هذا الانتصار من موقع “فتح” في المشهد الوطني، ويرفع من معنويات كوادرها في ظل حالة الإحباط السياسي العامة. أما خارجيًا، فهو يبعث برسالة بأن الحركة ما تزال قادرة على قيادة الشارع الفلسطيني، وتحقيق الإجماع في ملفات وطنية ومهنية، رغم كل التشكيك الذي يروج له البعض.
خامسًا: الدروس المستفادة من التجربة
أبرز ما كشفته الانتخابات هو أن المزاج الفلسطيني لا يمكن مصادرته أو توجيهه عبر الحملات الإعلامية الممنهجة. الشعب لا يصوت بناءً على الشعارات، بل بناءً على الثقة بالتجربة والمصداقية على الأرض. كما أن الاصطفاف العشوائي بين تيارات متناقضة لمجرد معاداة طرف معين لا يشكل بديلًا حقيقيًا في نظر الناخب الفلسطيني.
خاتمة:
انتصار “فتح” في انتخابات نقابة المهندسين ليس مجرد رقم في صندوق اقتراع، بل هو شهادة ثقة من جمهور مهني واعٍ. إنه يؤكد أن الحركة لا تزال حاضرة بقوة في وجدان الناس، وأن الرهان على تغييبها أو تحجيمها عبر التحالفات الموسمية والتحريض الإعلامي قد فشل. المعركة القادمة لن تكون في صندوق الانتخابات فقط، بل في تجديد المشروع الوطني على أسس أكثر صلابة وعمقًا، وهو ما يبدو أن “فتح” بدأت تعيه جيدًا وتستعد له بقوة.