6:47 صباحًا / 13 أكتوبر، 2024
آخر الاخبار

حال الناس (3) بقلم : د. غسان عبد الله

غسان عبدالله

حال الناس (3) بقلم : د. غسان عبد الله


بحكم خلفيتي الأكاديمية وطبيعة عملي التطوعي ، اذ اقتربت من العمر عتيا، ودوام تنقلي وتفاعلي مع المحيطين بي من الزملاء والمعارف ، أكاد القول ، سامحا لنفسي التعميم ، أن الناس وباختلاف أعمارها وفئاتها الاجتماعية ،ومستوياتها التعليمية ، واختلاف مشاربها الفكرية والثقافية تعيش حالة من المزاجية والاضطراب السلوكي متفاوت الأشكال والدرجات ، فهم جميعا في حالة ” حيص بيص ” كما يقول المثل الشعبي ، لدرجة قد تنطبق عليهم وصف الآية الكريمة ” وترى الناس سكارى وما هم بسكارى”.


تتعدد الأسباب الكامنة وراء هذه الحالة القديمة الجديدة القائمة والتي باتت وكأنها حالة طبيعية ومعتادة ، والتي يمكن استعراض بعض منها ، على سبيل المثال، لا الحصر.


أولى هذه الأسباب انسداد الأفق السياسي ودوام التقلبات والانتكاسات السياسية ، يرافق ذلك ضحالة الانجازات الفعلية على أرض الواقع، التي تتجاوز الشجب والادانة والاستنكار والتوسل ومناشدة البعيد قبل القريب لدرء الماّسي وتلطيف الأجواء ، مع دوام الهروب الى الأمام من خلال الاقدام على خطوات تقود الى ترسيخ الوهم ومنع الانعتاق من عنق الزجاجة ، مغلّفين كل هذا بشعارات ومسميات طواها الزمن . لعل الدليل الأكبر على ذلك دوام الانقسام والتشبث بأوهام أوسلو البغيض.


أولى افرازات وانعكاسات هذا الوضع اتساع انتاجوتأثير ذوي الطاقة السلبية بين أفراد المجتمع ، الأمر الذي يؤدي الى الشعور بالاحباط لدرجة الاكتئاب بكل أصنافه ودرجاته، وحالة اللامبالاة الاّخذة بالتفشي ، وتوفر المناخ الملائم لنزغ الشيطان للانسان الذي يفتقر لأبسط درجات الايمان وبالتالي أصبحت مناعته السيكولوجية والفسيولوجية في حالة أبسط ما يمكن وصفها بالهشة والوهن وبالتالي القابلة للانكسار .


للخروج من بيئة الطاقة السلبية ، القاتل البطيء للفعل والانجاز ، نقترح هنا ما يلي :-


⦁ تعزيز ورفع منسوب الايمان والأمل القائم على العمل لدى الانسان. نحن على يقين أن الجهات المسؤولة في المؤسسات الدينية الرسمية والأهلية تبذل جهودا مضنيّة من أجل هذا ، لكن ووفقا للقول ” الطمع في الدين”، نناشد مديريات الوعظ والارشاد في وزارة الأوقاف والمقدسات الدينية بذل المزيد ، كي يعود مفهوم الحرام مقياسا للسلوك ولدحر مفهوم العيب الذي حلّ للأسف محل مفهوم الحرام. كما نناشد هنا وزارة التربية والتعليم باعادة نصاب حصص التربية الدينية الى سابق عهدها.


⦁ الابتعاد عن تبني نهج التفكيربالاتكال على الأخرين . للأسف ، في حالتنا البائسة ،تركنا العمل وانتظرنا، حتى لقمة العيش، لتأتينا اما من وكالة الغوث أو مؤسسات عالمية ولو على حساب الكرامة والقيم الوطنية ، هذه المؤسسات التي لها أهداف ، أقل ما يمكن نعتها بعدم البراءة ومطلق النيّة السليمة ، من منطلق لكل نواياه وأهدافه الجليّة والخفيّة ، الأمر الذي عزّز نهج الاتكالية وبالتالي اليأس والقنوط ، بدلا من العمل الجاد بموجب المثل “ما حكّ جلدك مثل ظفرك “


⦁ الحرص على عدم رفع سقف التوقعات من الاّخر ، مهما كانت العلاقة التي تربطنا مع هذا الاّخر، مع دوام المراجعة والتقييم لكل ما يرشح عن هذه العلاقة ، والعمل بموجب أنه لاضير في اتخاذ خطوات فعلية لاعادة تصويب هذه العلاقة ، بعيدا عن المجاملة والمحاباة ، تماما مثل المسافر الذي يكتشف انه ركب في الحافة الغلط كي يصل الى وجهة سفره المقصودة ، اذ الأفضل له/لها النزول من هذه الحافلة في أول محطة قادمة ، كي لا يكون ثمن الخطأ باهظا لاحقا ، ومهما كانت هذه الحافلة مريحة وفتّانة وجميلة، ومهما كان سائق الحافلة وسيما سواء بهندامه أو صبغة شعره وتسريحته أو الكلام المعسول والشعارات الطنانة الرنانة المستهلكة التي يرددّها وقدرته البارعة على التمثيل وتأدية الأدوار ، كأن يجيد الاطراء على الجهة المسؤولة عن تعبيد الشوارع وهو يقود مركبته في شارع مليء بالحفر والمطبات . لعلّ مسيرة أوسلو ودوام مناشدة المؤسسات الدولية للعمل من أجل تخليصنا من براثن الاحتلال والتبعية والالحاق خير مثال .


⦁ حتى يتم تحقيق ما تم ذكره أعلاه ، نحن بحاجة الى الابتعاد عن ذوي الطاقات السلبية التي تعمل جاهدة لتعزيز الشعور بالنقص والعجزلدينا وبالتالي عدم القدرة على تغيير الحال، مطلوب كبح هذا النمط من الأشخاص وسدّ الطريق أمامه حتى لا يواصل دوام السطوة والهيمنة عل صنع القرار ، وليشمل ذلك كل الميادين الأهلية قبل الرسمية .


⦁ نحن بحاجة الى نظام تنشئة اجتماعية ,أسريّة يعتمد منذ الصغر على تعزيز تقدير والاعتماد على الذات، جاعلين من مرحلة المشي لدى الطفل وما يواكبها من عثرات وسقوط وما يتبع ذلك من نهوض للمحاولة مرة أخرى .


⦁ العمل على ايجاد المزيد من فرص التلاحم والعمل الحتمي الواجب المشترك بين نظام التربية والتعليم القائم ودور الأسرة ، نحو رفع منسوب التعاضد والتكافل الاجتماعي وتعزيز القيم والأخلاق من خلال الاقرار بالاختلاف في الرأي وواجب الاحترام ، فعلا لا مجرد قولا

⦁ نظرا لما للإعلام ( بكل أنماطه ) من دور هام في التوعية والتحفيز بل والدفع بالشعب ، كل وفق سعته ،للقيام بدوره /ا، بدلا من الاكتفاء بسرد التقارير الوصفيّة، وذكر الأرقام جراء ما جري ويجري ، بعيدا عن المبالغة والتهويل والدفع بالناس الى التهلكة .

تابع قراءة مقال حال الناس (1) بقلم : د. غسان عبد الله

تابع قراءة مقال حال الناس (2) بقلم : د. غسان عبد الله

إقرأ المزيد حول مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE

إقرأ المزيد حول د. غسان عبد الله

شاهد أيضاً

7 شهداء ومصابون بمجزرة إسرائيلية جديدة وسط جباليا

شفا – استشهد مواطنون مدنيون، وأصيب آخرون، مساء اليوم السبت، في مجزرة إسرائيلية جديدة ضد …