2:07 صباحًا / 13 سبتمبر، 2024
آخر الاخبار

صرخة من أجل العدالة: الأهوال التي يعانيها الفلسطينيون في سجون الاحتلال، بقلم : فاطمة عواد الجبوري

صرخة من أجل العدالة: الأهوال التي يعانيها الفلسطينيون في سجون الاحتلال، بقلم : فاطمة عواد الجبوري

صرخة من أجل العدالة: الأهوال التي يعانيها الفلسطينيون في سجون الاحتلال، بقلم : فاطمة عواد الجبوري


إن الواقع الوحشي الذي يواجهه المعتقلون الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يشكل جانباً مقلقاً للغاية وغير مذكور في التقارير الأممية أو التقارير الصحفية. إن روايات التعذيب والاعتداءات، كما وثقتها منظمات حقوق الإنسان، ترسم صورة مدمرة للعنف المنهجي والمؤسسي الإسرائيلي. إن هذه الممارسات، التي تستخدم لكسر إرادة السجناء الفلسطينيين، تكشف عن واقع مؤلم وغير إنساني يتناقض مع مبادئ الكرامة الإنسانية والقانون الدولي.


أصبح التعذيب الجسدي أداة شاملة تستخدم داخل نظام السجون الإسرائيلي، مصممة لانتزاع الاعترافات، وجمع المعلومات الاستخباراتية، أو ببساطة معاقبة المعتقلين. إن أساليب التعذيب الجسدي متنوعة ومحسوبة بدقة لإلحاق أقصى قدر من الألم والمعاناة. وكثيراً ما يتعرض المعتقلون للضرب المبرح، بالقبضات أو الهراوات أو غيرها من الأشياء، مستهدفين مناطق حساسة من الجسم لتضخيم الألم. والصدمات الكهربائية، وخاصة للأعضاء التناسلية، وهي شكل آخر من أشكال التعذيب الذي يترك الضحايا في عذاب لا يطاق.


إن وضعيات الإجهاد المطولة، حيث يضطر المعتقلون إلى الحفاظ على أوضاع غير طبيعية ومؤلمة لساعات أو حتى أيام، هي من بين الأساليب الشائعة. وتتسبب هذه الأوضاع في آلام مبرحه، وتلف العضلات، وإعاقة جسدية طويلة الأمد. وقد أفاد بعض المعتقلين أنهم قيدوا في أوضاع ملتوية تجهد مفاصلهم وعضلاتهم إلى حد الإصابة وكسر الأعضاء. وكثيراً ما يقترن التعذيب الجسدي بالإساءة اللفظية، حيث يتعرض المعتقلون للإذلال والتهديد والإهانة.
الحرمان من النوم هو تكتيك آخر يتم الإبلاغ عنه على نطاق واسع في السجون الإسرائلية. حيث يتم إبقاء السجناء مستيقظين لأيام متواصلة، مشوشين وضعفاء جسدياً. ولا يؤدي هذا الأسلوب إلى إرهاق المعتقل جسدياً فحسب، بل إنه يؤدي أيضاً إلى انهيار مقاومته النفسية، مما يجعله أكثر عرضة للإكراه. كما أن استخدام الأضواء الساطعة والضوضاء الصاخبة والاعتداءات الحسية الأخرى يزيد من آثار الحرمان من النوم، مما يخلق بيئة من التعذيب المستمر.


في حين أن التعذيب الجسدي مرئي وملموس، فإن التعذيب النفسي الذي يلحق بالمعتقلين الفلسطينيين مدمر بنفس القدر، إن لم يكن أكثر. إن التعذيب النفسي هو سلاح صامت، لا يترك في كثير من الأحيان ندوباً جسدية ولكنه يخلف صدمة نفسية عميقة وطويلة الأمد. وكثيراً ما يتعرض المعتقلون لعمليات إعدام وهمية، حيث يتم دفعهم إلى الاعتقاد بأن موتهم وشيك، فقط ليتم إنقاذهم في اللحظة الأخيرة. وهذا الشكل القاسي من التلاعب النفسي يغرس فيهم خوفاً عميقاً من الموت والشعور باليأس.


إن عزل المعتقلين في الحبس الانفرادي لفترات طويلة هو شكل آخر من أشكال التعذيب النفسي. إن الحبس الانفرادي، الذي يشار إليه غالباً باسم “السجن داخل السجن”، يحرم الأفراد من الاتصال البشري، ويتركهم يعانون في زنازين صغيرة مظلمة طوال اليوم.


إن الافتقار إلى التحفيز، إلى جانب الشعور بالوحدة الشديدة، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية عقلية خطيرة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والهلوسة. وبالنسبة للبعض، فإن تجربة الحبس الانفرادي لفترات طويلة تؤدي إلى ضرر نفسي لا رجعة فيه.


إن التهديدات الموجهة ضد أسرة المعتقل هي شكل آخر من أشكال الإساءة النفسية. إن المعتقلات كثيراً ما يُقال لهن إن أحباءهن سوف يتعرضون للأذى أو السجن إذا لم يتعاونوا. وتستغل هذه التهديدات الروابط العميقة بين الأسرة والمجتمع، مما يدفع المعتقلين إلى حالة من الخوف والقلق الدائمين. ويثقل العبء النفسي لمثل هذه التهديدات كاهل المعتقلين، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الاعترافات القسرية أو كسر إرادتهم.


في 31 يوليو، نشرت صحيفة هيومانيتيه الفرنسية تقريراً مروعاً عن المعاملة الوحشية التي يتعرض لها السجناء الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية. وتزداد أهمية هذا التقرير نظراً لأنه صدر عن دولة مثل فرنسا، المعروفة بدعمها للنظام الإسرائيلي.


تحدثت جنان عبده، وهي محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان تقيم في حيفا، إلى هيومانيتيه عن التحديات الشديدة التي تواجهها في الدفاع عن السجناء الفلسطينيين. وروت حادثة وقعت مؤخراً حيث كانت تخطط لزيارة اثنين من المعتقلين في سدي تيمان، وهي قاعدة عسكرية في صحراء النقب بالقرب من بئر الشوا. وعند وصولاه، أُبلغت بأن السجناء نُقلوا فجأة إلى سجن غرب رام الله. وقامت عبده وزميل لها بالرحلة إلى هناك، فقط لاكتشاف قائمة طويلة من الانتهاكات المروعة. وتحدث السجناء عن التعذيب المستمر والعقاب الجماعي والضرب والاعتداءات الجنسية وحتى الهجمات من قبل الكلاب المدربة. إن أحد أكثر أشكال التعذيب إزعاجاً التي تم الإبلاغ عنها هو ما أطلق عليه الجنود الإسرائيليون “غرفة الديسكو”، حيث يتم حبس السجناء في زنزانة بلا نوافذ مع موسيقى صاخبة تصدح لساعات أو حتى أيام متواصلة.


إن هذه الاكتشافات، المدعومة بشهادات السجناء الفلسطينيين المحررين والإدانة من قبل منظمات حقوق الإنسان، أجبرت السلطات الإسرائيلية على الاعتراف على مضض ببعض الانتهاكات. وعلى الرغم من إنكارها السابق، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تسعة جنود تم اعتقالهم بتهمة الاعتداء الجنسي على سجين. ومع ذلك، انتقد قدورة فارس، رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين، الرد، وكشف عن أن اثنين من الجنود قد تم إطلاق سراحهما بالفعل – وهي الخطوة التي رفضها باعتبارها محاولة “سخيفة” لصرف الانتباه الدولي عن الاستخدام الواسع النطاق والمنهجي للتعذيب ضد السجناء الفلسطينيين.


وفي أعقاب هذه التقارير، دعت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى إلى إغلاق سجن سدي تيمان. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، علقت إسرائيل أيضاً وصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى جميع السجناء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. وفي نفس التاريخ، أصدرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تقريراً يؤكد وفاة ما لا يقل عن 53 فلسطينياً في السجون العسكرية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وربما يكون الأطفال الضحايا الأكثر مأساوية لهذه الانتهاكات. فالقاصرون الفلسطينيون، بعضهم لا يتجاوز عمره 12 عاماً، كثيراً ما يُحتجزون ويتعرضون لنفس المعاملة الوحشية التي يتعرض لها البالغون. إن تجربة الاعتقال والاحتجاز مؤلمة في حد ذاتها، ولكن الإساءة اللاحقة تزيد من هذه الصدمة. ويذكر الأطفال أنهم يتعرضون للضرب والتقييد والاحتجاز في الحبس الانفرادي. وكثيراً ما تكون الاستجوابات مكثفة، حيث يتعرض الأطفال للتهديد والإساءة اللفظية والعنف الجسدي.


إن التأثير الطويل الأمد لمثل هذه التجارب على الأطفال عميق. ويعاني الكثيرون منهم من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق. كما يتعطل تعليمهم، وتؤثر الندوب النفسية التي يحملونها على قدرتهم على إعادة الاندماج في المجتمع. إن فقدان براءة الطفولة والصدمة النفسية التي لحقت بهؤلاء المعتقلين الصغار يخلق جيلاً ضائعاً يكافح من أجل التعامل مع الأهوال التي تحملوها.


ختام القول، إن التعذيب والاعتداءات ضد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وصمة عار على ضمير العالم. إن هذه الممارسات، التي تتجذر في نظام الاحتلال والسيطرة، تمثل انتهاكاً عميقاً لحقوق الإنسان وكرامته. ويتعين على المجتمع الدولي أن يتحرك لإنهاء هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها، ودعم الضحايا في سعيهم إلى تحقيق العدالة والشفاء.


إن قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود، على الرغم من المعاناة التي لا يمكن تصورها والتي تحملها، هي شهادة على قوتهم وعزيمتهم. ويتعين على العالم أن يقف متضامناً معهم، ويضمن سماع أصواتهم والحفاظ على حقوقهم. ومن خلال العدالة والمساءلة فقط يمكن كسر دائرة العنف والإساءة، مما يمهد الطريق لمستقبل حيث يمكن لجميع الناس، بغض النظر عن جنسيتهم أو عرقهم، أن يعيشوا بكرامة وسلام.

شاهد أيضاً

شهداء وجرحى في غارات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة

شهداء وجرحى في غارات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة

شفا – استشهد 6 مواطنين وأصيب آخرون، في غارات شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على مخيم …