7:57 صباحًا / 20 مايو، 2024
آخر الاخبار

قطر ورقة ضغط إسرائيل الخاسرة، بقلم : سماح خليفة

سماح خليفة

قطر ورقة ضغط إسرائيل الخاسرة، بقلم : سماح خليفة

“العداء للسّامية” شماعة إسرائيل التي تعلّق عليها إخفاقاتها في كل مستجد على الساحة العربية والدولية، وهذه المرة توظف تلك الشماعة في ادّعاءاتها المزعومة ضد قطر، لاستخدامها كورقة جديدة للضغط على حماس، بظنها أنها ستكون ورقة رابحة، بيد أن المعطيات على أرض الواقع تقول خلاف ذلك.

يأبى الاحتلال إلا أن تكون قطر أداة لتنفيذ أهدافه بالضغط على حركة حماس من أجل التنازل أمام الاحتلال على طاولة المفاوضات، برغم السجل المشرف لقطر في الوساطات وفض النزاعات في العديد من قضايا المنطقة، وعلى الرغم من جهود الوساطة القوية التي تبذلها قطر لوقف العدوان على غزة والتوصل إلى حلول عادلة تنهي الحرب، وعلى الرغم من كون هذه الوساطة قد أثمرت عقد صفقات تبادل الأسرى السابقة، تقع الدوحة في الوقت الراهن في مرمى هجوم الإعلام الإسرائيلي بشكل قوي، فصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية اتهمت قطر بأنها تسببت في زيادة حالات العداء للسامية عن طريق تمويل الجامعات الأمريكية في أنشطتها المناهضة لإسرائيل، وبث رسائل عدوانية ضد اليهود، على حد زعم الصحيفة.

رفض السفير القطري لدى الولايات المتحدة الأمريكية الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، إقحام قطر في قضية الإنتفاضة الجامعية في أمريكا، حيث نفى بشكل رسمي وجود أي صلة بين قطر وانتفاضة طلاب الجامعات، فلا شأن لقطر بما يحدث في الجامعات الأمريكية، ولا علاقة للتبرعات القطرية لفروع الجامعات الأمريكية، التي استدعتها قطر منذ عقود لبناء مؤسسات التعليم العالي، وبالتالي توجه الدوحة دعمها لتمويل وصيانة هذه الفروع داخل قطر وليس في أمريكا، وهذا ينفي الدعاية الصهيونية التي بنتها على ادعاءات باطلة، مع العلم أن الولايات المتحدة ليست وحدها من انتفضت فيها الجامعات تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة، فكثير من الجامعات الأوروبية أيضًا قد انتفضت في هذا الشأن.

وفي إطار ذلك ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، ما يفيد بأن قطر كان لها دور أساسي في تعزيز الانقسام الفلسطيني، بعد أن أوحى إليها رئيس الوزراء نتنياهو، ومدير الموساد السابق يوسي كوهين، لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة، وقامت الحكومة الإسرائيلية بتسهيل الأموال القطرية إلى حماس لهذا الهدف، وذكرت أن خطة نتنياهو كانت جزءًا من استراتيجية أوسع ترمي إلى ترويض حماس، وجعلها ثقلًا موازيا للسلطة الفلسطينية، وتحافظ بذلك على استمرار الانقسام.

هذا الخبر لم يقف عند هذا الحد، بل تداولته وسائل إعلام عربية بصيغة النقد غير المباشر في أن قطر تم استغلالها، لتعزيز الانقسام الفلسطيني بدعمها حركة حماس، إذ أنه منذ عام 2018م بدأت الدوحة في إرسال مبالغ شهرية إلى قطاع غزة، رغم رفض السلطة الفلسطينية.

في الحقيقة، هذا الخبر الذي يحاول الإعلام الصهيوني ترويجه، وزجّه إلى وسائل إعلام عربية، هو اعتراف بالدور القطري في دعم غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، ولا يحمل اتهامًا لها، لأن قطر لا يمكنها تفويت فرصة لدعم القطاع المحاصر المنكوب، ولا يمكن أن تتخلى عن دعمها لغزة، وبالتالي فإن هذا الخبر يحمل إدانة للكيان الإسرائيلي، لا إدانة قطر التي فعلت ما ينبغي أن يكون، بمقتضى الروابط المتعددة بينها وبين الفلسطينيين، وإذا كان الاحتلال قد فتح الباب للدعم القطري لغزة بهدف تعزيز الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، فقد خاب مسعاه، فالواقع يقول إن الدعم القطري لم يقدم أو يؤخر في علاقة الفصائل بعضها ببعض، فهي خيارات استراتيجية سابقة، ففي الوقت الذي تتبنى فيه السلطة الفلسطينية الحل السياسي والدبلوماسي، تتبنى حماس المقاومة كخيار استراتيجي، إضافة إلى أن حماس هي من تدير القطاع، فمن الطبيعي أن يسلم الدعم إلى الإدارة، والاحتلال هو من يتحكم في أي دعم يصل إلى القطاع، حتى ولو من السلطة الفلسطينية، فأين تكمن المشكلة؟ ثم إن هذه الإدانة لقطر في حال دعمت المقاومة الفلسطينية في عقلية الصهاينة ومن يدعمها فقط، فلو أن قطر سلمت مساعدات مالية إلى حماس بصفتها المسؤولة عن إدارة القطاع، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها قد زودوا جيش الاحتلال بالسلاح والمال وخبراء الحرب والجنود المقاتلين، إضافة إلى الدعم الاستخباراتي، فهل يحق لأمريكا والغرب ما لا يحق لقطر؟! وهذا ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية والإعلام في قطر (علي الهيل)، بأنه ينبغي ألا يتم التعامل مع الدعم القطري على أنه محل إدانة.

الاحتلال لا يرضى أن تكون قطر دولة وساطة تقف على الحياد، ولا أن تمارس دورها المعهود في فض النزاعات الذي عرفت به في ملفات كثيرة في النزاع الإقليمي والدولي، الاحتلال يريد أن تكون قطر أداة ضغط على المقاومة الفلسطينية للقبول بالشروط الإسرائيلية، ولهذا فهو يشن هجمته الإعلامية الشرسة على قطر، التي بدورها تأتي في سياق ممارسة ضغوط على الدوحة، بسبب موقفها من الوساطة في هذا الصراع، فقطر تأبى أن تكون ورقة ضغط على الفلسطينيين في قضيتهم المصيرية، إلا أن الاحتلال يأبى إلا أن تكون قطر أداة، لتنفيذ أهدافه بالضغط على حركة حماس من أجل التنازل أمام الاحتلال على طاولة المفاوضات، فقطر من أكثر الدول تقديمًا للمساعدات الإنسانية للقطاع، وتتعرض لضغوط هائلة لإجلاء المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة، وجهودها في الوساطة يقتضي منها أن تكون طرفًا محايدًا يقرب وجهات النظر، ذلك لأن لها سجلًا مشرفًا في الوساطات وفض النزاعات يميزها عن غيرها من الدول.

الاحتلال لا يرضى أن تكون قطر دولة وساطة تقف على الحياد.. الاحتلال يريد أن تكون قطر أداة ضغط على المقاومة الفلسطينية للقبول بالشروط الإسرائيلية، ولهذا فهو يشن هجمته الإعلامية الشرسة عليها

شاهد أيضاً

بأمر من بوتين.. طائرات روسية متطورة وفرق إنقاذ تصل لإيران

بأمر من بوتين.. طائرات روسية متطورة وفرق إنقاذ تصل لإيران

شفا – أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسال طائرتين متطورتين مع مروحيات خاصة إلى تبريز …