11:36 صباحًا / 6 مايو، 2024
آخر الاخبار

الدبلوماسية والحصاد، بقلم : د. سناء طوطح

الدبلوماسية والحصاد، بقلم : د. سناء طوطح

الدبلوماسية والحصاد، بقلم : د. سناء طوطح

“لغة السياسة تم تصميمها لتجعل الكذب يبدو صادقاً والقتل محترماً”


جورج اوريل

سقراط لم يكن ثورياً، لكن فكره الفلسفي ومفهومه عن ” الفضيلة هي المعرفة” كان ثورة من نوع اخر رسمت مسار مختلف في التفكير الإنساني وفي المقابل، كان أفلاطون وفياً لفكرة مجتمع راديكالي في محاوراته ” الجمهورية “، ومع ذلك أبدى ماركس إحباطه من قيام الفلسفة بمحاولة تفسير العالم بأسره مقابل الفشل في تغييره، وأما في العصر الحديث فكان لدى بعض الفلاسفة ومنهم الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الكثير ليقوله عن الثورة والتمرد، أما هيغل الفيلسوف الألماني فقد كان ثورياً لكنه رفض العنف الثوري والراديكالية على النقيض من أفلاطون، وكل هذا ما هو الا جزء بسيط جداً من أفكار وتطلعات بعض الفلاسفة قديماً في ظل الأنظمة السياسية الداخلية ونظام الحاكم والمحكوم في اليونان وغيرها، فكيف إذاً حينما نتحدث عن شعب يقبع تحت احتلال في أكثر العصور تطوراً وتقدماً، في أكثر العهود التقدمية والدبلوماسية، ما زال الشعب الفلسطيني يقبع تحت احتلال أهوج وبين وسط عربي صامت – مع العلم أنه لا مجال لنكران المواقف الشعبية الفردية العربية- بعيداً عن الأنظمة السياسية والحكومات، ومن يقرأ التاريخ وخصوصاً تاريخ الجيوش العربية والذي يعتقد كثر أنها كانت تناضل من أجل فلسطين بدافع وطني، وما زلنا نعيش هذا الحلم من مَن نشاركهم الدم والتراب ومن مَن نشاركهم القومية العربية، ولكن كل هذا مجرد كلام وكلام وبيع شعارات انا أكتبها وغيري يكتبها أو يلقي بها في الاذاعات وشاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أن الشعب الفلسطيني والعالم العربي والغربي يُدرك تماماً ما يعانيه الشعب منذ عام 1948 حتى هذه اللحظات التي نعيشها من ابادات جماعية وانتهاكات صارخة بحق الإنسانية بشرياً والقانون الدولي ورقياً، وهنا حينما نتحدث عن القانون الدولي وعن الأمم المتحدة بميثاقها الذي يعتبر الدستور العالمي للدول ، الميثاق الذي نادى جميع الدول بعدم اللجوء إلى القوة في حل نزاعاتها التي تصل إلى الصراعات الدامية، وأوجب اللجوء إلى الوسائل السلمية من مفاوضات ووساطة وغير ذلك وهذا بالفعل أهم ما يميّز ميثاق الأمم المتحدة من مبادئ نبيلة لكنها مجرد بيع لشعارات كاذبة إذ أن أهم ما يميز الميثاق هو ليس تلك المبادئ وإنما كيفية تطبيق هذه المبادئ.

وعندما نتكلم عن التطبيق لتلك المبادئ المرسومة في القوانين والمواثيق والاعلانات والمعاهدات الدولية نتكلم حينها عن الدبلوماسية في التنفيذ الفعلي للعلاقات ما بين الدول المتأثرة بالنزاعات الدولية أو غير المتأثرة -وإنما بناءا على العلاقات الدبلوماسية ترسم الطرق لحل النزاعات – وبين الأجهزة الأممية مثل مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية وغيرهم…..، ناهيكم عن دول العالم، وما وصلنا له اليوم من تكتيك فلسطيني أمام ما عاناه هذا الشعب لسنوات جحاف ما هو إلا نتيجة حصاد للدبلوماسية الغير مثمرة القنوط.

وأمام هذه الدبلوماسية المتعثرة نرى ثورة رُسمت قديماً عبر نظريات فلسفية وثورات واقعية نادت بها الشعوب للدفاع عن أنفسها أمام الطغيان والفاشية والفساد، وحين نقف أمام نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة فإننا نجد أن فلسطين لها الحق في الرد دفاعاً عن النفس بعد سنوات طويلة من الاعتداءات والانتهاكات والدمار لكل من البنية البشرية والتحتية وغير ذلك، انطلاقاً من الحق في الثورة أمام السياسة والتي تعتبر الوجه المقابل للدبلوماسية القائمة على القانون والسياسة.

في النهاية لن نخرج من هذا الصراع إلا بمعجزة تصيب صانعي القرار وراسمي السياسة ومبتكرين الأنظمة ومدّعين الدبلوماسية للجلوس على طاولة واحدة حقيقية نابعة من انتماء صادق لرسم استراتيجيات جديدة يسير عليها الوطن والمواطن.

شاهد أيضاً

وزير المالية الإسرائيلي : يجب على الجيش دخول رفح اليوم

وزير المالية الإسرائيلي : يجب على الجيش دخول رفح اليوم

شفا – قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ان تأخير دخول رفح وعدم السيطرة على …