6:37 مساءً / 8 مايو، 2024
آخر الاخبار

غزّتنا الذبيحة الجريحة، بقلم : بسمة النسور

غزّتنا الذبيحة الجريحة، بقلم : بسمة النسور

غزّتنا الذبيحة الجريحة، بقلم : بسمة النسور

مشروع جدا هذا الغضب العارم الذي اجتاح أنحاء الوطن العربي، المغدور المكلوم، من محيطه إلى خليجه، كيف لا وعهر الغرب المنافق بلغ أوجه، وهو ينحاز، بكل صفاقة وتنكّر وتلاعب بالحقائق، لمعسكر الإجرام والبطش والوحشية والعربدة التي يمارسها الكيان الصهيوني الفاشي بحق أبرياء عزّل في غزّتنا الجريحة الذبيحة المستباحة، على مرأى العالم المتحضر الذي لم يكتف بمقعد المتفرّج، بل تواطأ ودعم العدوان الآثم وباركه، فحقّ لنا أن نصرخ من عمق الجرح الغائر مع محمود درويش، وقد “سقط القناع عن القناع/ يا وحدنا”.


ما حدَث ويحدُث في غزّة أكبر من أي مفرداتٍ لجمتها الصدمة في الصدور، على إثر هذا الهول الذي نهب أرواح أطفال، كما لو كانت فراخ عصافير نبت ريشُها للتوّ، ولم تقو أجنحتها على الرفرفة بعد، يلاحقُها عن سابق إصرار وترصّد صيّاد ساديٌّ مخبولٌ يمارس القتل من باب تزجية الوقت. موحش وقاس ومظلم هذا العالم العاجز عن التفريق بين الجلاد والضحية، الموغل في دماء صغارنا من أجل عيون كيانٍ أنشئ غدرا، مستندا على خرافةٍ باطلةٍ على يد عصابات الإرهاب الصهيونية، كيان محتل مغتصب، قتل وشرّد وأسر، وهجّر شعبا بأكمله، وما زال يبتزّ العالم بكل صلافة، ويلعب، برداءة وابتذال، دور الضحية، والدماء تشرّ من يديه الآثمتين منذ عام 1948، طارحا نفسه، كذبا وبهتانا، باعتباره الديمقراطية الوحيده في الشرق الاوسط! وهو ينكّل بأبنائنا في الداخل، ويحاكمهم بأقسى العقوبات إذا ما عبروا عن موقفهم، ولو برفع علم فلسطين، أو أبدى تعاطفا مشروعا مع أبناء جلدته، وهم يتعرّضون لجرائم الحرب من قصف مستشفياتٍ وكنائس ومنازل، فيزجّهم باعتبارهم مواطنين من درجة عاشرة في السجون، وتكمّم أفواههم، ويُحرمون من فرص العمل، ويتعرّضون لكل أشكال التمييز العنصري في واحة الديمقراطية المزعومة، المُمعنة في غيّها وجبروتها ترعاها عين الغرب المتوحّش، إذ يُهرول زعماؤه ويتسابقون في تقديم ضروب الطاعة العمياء إلى ابنتهم المدللة التي لا ترتوي إلا على دمائنا.


إن كان ثمّة ميزةٌ لأيامنا السوداء التي نعيش في هذه الأيام مرارتها، عاجزين مقهورين، فهي وحدة الصف التي عبر عنها الشارع العربي احتجاجا وسخطا وغضبا لا حدّ له، غيرة وانتصارا لأهلنا في غزّة وهم يجمعون أشلاء أحبتهم المتناثرة، ويبحثون عن أمل لحياة أحدهم تحت الأنقاض، ويستنجدون بالسماء ملاذا وحيدا علّها تُنجيهم وتحقن دماءهم التي هانت على القوى العظمى التي بلا ضمير، كما ثبت، بشكل قاطع، لأصحاب القرار، أن هذه قادرة، بكلمة منها، على وقف هذا العبث والاستخفاف السافر بالحياة، غير أنها ما زالت متجاهلة هدير هتافات الآلاف المؤلّفة من الأحرار الشرفاء على امتداد العواصم العربية والأجنبية المطالبة بوقف العدوان وحماية العزّل المحاصرين المحرومين من أبسط أشكال الحياة من غذاء وماء ودواء وأمن وأمان، وقد سقطت أسقف البيوت فوق رؤوسهم، وباتوا في عراء مطلق، وقد سدّت كل طرق النجاة دونهم. وفي زمن المفاهيم الملتبسة، يغدو فعل المقاومة، وفق تصنيف قوى الاستعمار الأعور، إرهابا وذريعة لمزيد من التنكيل والفتك، في حين أنها سلوك فطري تقتضيه حلاوة الروح، كما نقول في اللهجة الدارجة، في توصيف الذبيح المشرف على نصل السكّين، حين تنتابه طاقة جسدية وشحنة عاطفية هائلة، ليست أكثر من ردّة فعل طبيعية تفرضها غريزة البقاء، فتظلّ الروح متشبثة بالحياة حتى النفس الأخير، فيما السكين تواصل غورَها عميقا في تمزيق الأوصال. ورغم كل ذلك السواد، يظلّ الشعب الفلسطيني البطل صامدا مقاوما حرّا، صاحب حقّ أصيل، لا يجادل فيه سوى منعدم الضمير، علينا أن نصدّق هذا كي لا نموت كمدا وقهرا. وعلى الحناجر أن تبقى متّحدة في صرخة احتجاج كبرى في مواجهة آلة البطش المجرمة السائرة، تنكيلا بصغارنا، وهم يحبون بأقدامهم الهشّة الطرية نحو غدٍ لعله أقل قسوة وإيلاما ودموية.

شاهد أيضاً

وزير الثقافة وسفيرة النرويج يبحثان تطوير الشراكات في الصندوق الثقافي

وزير الثقافة وسفيرة النرويج يبحثان تطوير الشراكات في الصندوق الثقافي

شفا – بحث وزير الثقافة عماد حمدان رئيس مجلس إدارة الصندوق الثقافي الفلسطيني، مع سفيرة …